الأول: خطر الإذعان للضغوط الأمريكية المدججة بالسلاح والمال والعلم والدهاء والتخطيط، فيستجيب لهم منا مَن يستجيب رغبًا ورهبًا، ويصنع لنا «إسلامًا أمريكانيًّا» لا يهمه إرضاء الله، بقدر ما يهمه إرضاء «العم سام» !
والثاني: خطر تمكين الفئات اللادينية: لتساهم في توجيه المرحلة القادمة للأمة، بترويج فكرها المستورد، ومفاهيمها الدخيلة، تحت عنوان التجديد والتطوير، وإنما هو التبديد والتخريب.
فالواقع أننا نخشى من تيارين كلاهما أشد خطرا من الآخَر:
1 ـ تيار الغلو والتشدُّد والتنطُّع، الذي يريد أن يضيق على الأمة ما وسَّع الله، ويعسِّر عليها ما يسَّر الله، وأن يعادي العالم كلَّه، ويقاتل الناس جميعًا، ولو سالموا المسلمين، ولا يتسامح مع مخالف له، مسلمًا كان أو غير مسلم.
2 ـ وتيار الانفلات والتسيُّب، الذي اتَّخذ إلهه هواه، فلا يرجع إلى أصل، ولا يتقيَّد بنصٍّ، ولا يستند إلى إمام معتبر. إنه رفض اتباع أئمة الإسلام، ورضي بتقليد أئمة الغرب، فمنهم يستمدُّ، وعليهم يعتمد، وبهم يصول ويجول !
لهذا كان على أهل العلم والدعوة، وخصوصا دعاة المنهج الوسطي: أن يقولوا كلمتهم، ويبيِّنوا وجهتهم، ويشرحوا رسالتهم، في خضم هذه الفتن المتلاحقة التي تذر الحليم حيران، وفي هذا الجو الرهيب الذي يحاط فيه بالأمة من كلِّ جانب. وعليهم أن يعضوا بالنواجذ على الحقِّ الذي ائتمنهم الله عليه، معتصمين بحبل الله المتين: ﴿ يُبَلِّغُونَ رِسَـٰلَـٰتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُۥ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَ ﴾ ، ﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ .