ونهج الغلو والتشدُّد مكروه بمقتضى الفطرة، مذموم بحكم الدين، وهو أكثر ذمًّا في عصر تقارب فيه الناس، ثم ازدادوا تقاربًا، حتى أصبحوا كأهل قرية واحدة.
ومن الحقِّ أن يراجع الناس أفكارهم ومواقفهم واجتهاداتهم، على ضوء المستجدات، وفي إطار الثوابت التي لا تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان، كما قال علماؤنا بوجوب تغيُّر الفتوى بتغيُّر موجباتها. فقد توجب هذه المراجعة تغييرًا في مضمون بعض المقولات، وقد توجب تغييرًا في أسلوبها، وقد توجب تغييرًا في ترتيبها في سلم الأولويات، إلى غير ذلك.
ومن الحقِّ أن كثيرًا من المخلصين من المسلمين أنفسهم شعروا بضرورة هذا التغيير، ودعوا إليه، ومنهم إخوة نثق بدينهم وإيمانهم، كما نثق بتفكيرهم وسداد نظرتهم، في أمريكا نفسها، وفي أوروبا أيضًا.
وإذا كان هذا من الحقِّ، فإن من الباطل ما يطالب به بعض الناس: أن نشكِّل لنا دينًا من جديد، نحذف منه ونبقي، ونغيِّر فيه ونبدِّل، وَفق ما تطلبه أمريكا وحلفاؤها !
وعلى هذا يجب أن نغيِّر مناهج تعليمنا الديني كلها، وخطابنا الديني كله، حتى ترضى عنا أمريكا، وما هي براضية، فما يُرضي هؤلاء إلا أن ننسلخ من ديننا، ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعْدِ إِيمَـٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ ﴾ ، ﴿ وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ .