وعلى هذا يجب أن نغيِّر مناهج تعليمنا الديني كلها، وخطابنا الديني كله، حتى ترضى عنا أمريكا، وما هي براضية، فما يُرضي هؤلاء إلا أن ننسلخ من ديننا، ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعْدِ إِيمَـٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ ﴾ ، ﴿ وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ .
ولقد سلكت بعض الأنظمة العربية والإسلامية هذا السبيل منذ زمن، فاتخذت فلسفة «تجفيف المنابع» أي منابع التدين الإيجابي الذي يربِّي الشخصية المسلمة، والعقلية المسلمـة، والنفسية المسلمـة، وحذفت ـ ولا تزال تحذف ـ كلَّ ما يغرس معاني القوة والبطولة والغيرة على الحقِّ، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحاربت كلَّ دعوة صادقة لإحياء الإسلام الصحيح، وتربيـة الناس عليـه، وشجَّعت إسلام الخرافـات والأضرحـة والدروشة، لأنه مشغول عنها، بل سائر في ركابها، ساكت عن مظالمها وانحرافاتها.
إننا نرحِّب بتجديد الخطاب الديني، والارتقاء به، وتطويره إلى ما هو أحسن وأمثل: فكرة وأسلوبًا، أو مضمونًا وشكلًا، والمسلم ينشد الأحسن دائمًا. ولكنا نحذِّر من خطورة التنادي المستمر بتغيير الخطاب الديني الإسلامي في هذا الوقت خاصة، ولا سيما من أقلام مشبوهة، لا يهمها أمر الدين ولا أهله، وليس لله ولا للآخرة مكان في حياتها الفكرية أو السلوكية، ولا تبالي برضا الله أو سخطه، لكن يعنيها كلَّ العناية: أن يرضى السيد الأمريكي عنها، وأن ينفحها ببعض بركاته وكراماته !
إن التغيير في هذا الوقت، أو في هذه «الهوجة» محفوف بخطرين:
الأول: خطر الإذعان للضغوط الأمريكية المدججة بالسلاح والمال والعلم والدهاء والتخطيط، فيستجيب لهم منا مَن يستجيب رغبًا ورهبًا، ويصنع لنا «إسلامًا أمريكانيًّا» لا يهمه إرضاء الله، بقدر ما يهمه إرضاء «العم سام» !