لقد كان من أكبر أمنياتي أن أتوجه لكتابة تفسير مختصر للقرآن الكريم، وعزمت على ذلك، وأعلنت هذا الأمل المتجدد، ودعوت الله أن يحقِّقه لي، ليكون حاشية في مصحف قطر، بخط الخطاط المتقن عبيدة البنكي السوري، وبدأت بتفسير سورة الفاتحة وسورة النبأ، لكنِّي وجدت أنَّ ما يجول في خاطري من معاني القرآن يأبى أن يتقيد بحاشية مطبوعة على المصحف، فخرجت عن هذه الخطة إلى الكتابة المسترسلة، على طريقتي في التأليف الَّتي اعتدتها منذ كتابي الأول: «الحلال والحرام في الإسلام».
ووفق الله فأتممت تفسير جزء عم، وهأنذا قد أتم الله عليَّ تفسير جزء تبارك، وأسأل الله أن يبارك في الوقت والجهد لأتم ما أؤمله من تفسير كتابه.
وهذا جزء تبارك بين أيديكم، وقد قدمتُ ـ على طريقتي في تفسير جزء عم ـ لكل سورة بذكر أهم مقاصدها، ثمَّ أفسر سائرها، جزءًا جزءًا، وآية آية، جاعلًا اهتمامي الأول أنْ أفسر القرآن بالقرآن، ثمَّ بالسنة الصحيحة، جامعًا بين العقل والنقل، والرواية والدراية، مستعينًا أولًا بالتأمل، ثمَّ بقراءة التفاسير المهمة والاقتباس منها، ولن يعدم القارئ فيه فائدة، وسيجد فيه الخطيب والمحاضر والمدرس والداعية زادًا نافعًا.
وسيجد القارئ لتفسيرنا آراء لن يجدها في غيره من كتبنا، على سبيل المثال لا الحصر: رأيُنا في «الجنِّ» في آخر سورة الجنِّ، ورأيُنا عن مكيَّة بعض الآيات ومدنيتها خلافًا لسورها.
أسأل الله تبارك أنْ يكرمنا بالقرآن وينفعنا بالقرآن، ويجعله حجة لنا لا علينا.
﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِـۧمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَـٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ 127 رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ 128 ﴾ .
الفقير إلى عفو ربه

الدوحة 21 من جمادى الأولى 1436هـ
الموافق 12 من مارس 2015م