والاسم الثالث: هو اسم «الرحيم»، وهو مع الرحمن يعنيان: أنَّه تعالى صاحب الرحمة الواسعة، الَّتي وصفت بأنَّها ﴿ وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ ﴾ ، وقال بعضهم: الرحمن: من وسعت رحمته كل شيء. والرحيم: من دامت رحمته.
والرحمة عند الإنسان: انفعال وجداني، أو رقَّة في القلب، تؤدِّي إلى العطف على الآخرين، والإحسان إليهم، وإيصال الخير إليهم، وإزالة الضرر عنهم.
ولكنها بالنسبة إلى الله تعالى، ليست انفعالًا، ولا رقة قلب، بل هي صفة ذاتية لائقة به تعالى، بها يعطف على عباده، وينعم عليهم بسائر نعمه، جليلها ودقيقها.
ومن حقها أن تكون صفة كسائر صفات المعاني الَّتي أثبتها الأشاعرة، مثل: القدرة، والإرادة، والحياة، والسَّمع، والبصر، فكما أنَّ له تعالى صفة تسمَّى: الحياة أو السَّمع، ليست كحياة البشر، أو كسمعهم، كذلك له صفة تُسَمَّى الرَّحمة، ليست كرحمة البشر.
اجتماع اسمَيْ «الرحمن الرحيم» في القرآن:
وقد اجتمع الاسمان ﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ 2 ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ 3 ﴾ . والموضع الثاني في سورة البقرة: ﴿ وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ لَّآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ . والموضع الثالث في سورة النمل: ﴿ إِنَّهُۥ مِن سُلَيْمَـٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ . والموضع الرابع في سورة فصلت: ﴿ تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ . والموضع الخامس في سورة الحشر: ﴿ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ ۖ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ .