وإذا أُطلقت كلمة «السُّنَّة» مفردة ومعرَّفة بالألف واللام في لغة الصحابة وسَلَف الأمة، انصرفت إلى سُنَّة النبي ﷺ ، ويُراد بها: الطريقة الَّتي كان يتحرَّاها ! في تنفيذ ما بعثه الله به من الهدى، ودين الحق. وبعبارة أخرى: السُّنَّة تعني المنهاج النبوي، النظري والعملي، الَّذي جاء به ﷺ في فهم دين الله وتطبيقه في شؤون الحياة كافة، وهي الَّتي حذَّر النبي ﷺ من الإعراض عنها، حين قال للمبالغين في التعبد والتزهُّد من أصحابه: «إنَّما أنا أخشاكم لله وأتقاكم له، ولكنِّي أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوَّج النساء، فمَن رغب عن سُنَّتي فليس مِنِّي»(1).
وكذلك قال لعبد الله بن عمرو بن العاص، حين رآه ينزع إلى الغلوِّ في الصيام والقيام، وترك النساء: «لكلِّ عملٍ شِرَّة، ولكل شِرَّة فَتْرة (2)، فمَن كانت فترته إلى سُنَّتي فقد اهتدى، ومَن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك»(3).
وذلك أنَّ النبيَّ ﷺ كانت مهمته ـ بالإضافة إلى تبليغ ما أنزل الله إليه من القرآن، وتلاوة آياته ـ تزكية المؤمنين، والتزكية كلمة تضم معنى الطهارة، ومعنى النماء، فهو يطهِّرهم من الشرك والرذائل، وينمِّيهم بالتوحيد والفضائل، فهي تتضمن التخلية والتحلية ـ كما يقولون ـ وبعبارة أخرى: يربِّيهم التربية العمليَّة المتكاملة المتضمِّنة لحُسن فهم الدين والإيمان به، إيمانًا يدفع إلى العمل به والعمل له، وذلك بالأسوة الحسنة.