ومعنى التَّرغيب هنا: تحبيب الإنسان في عبادة الله تعالى، وفعل الخير، وعمل الصَّالحات، ومكارم الأخلاق، والقيام بكلِّ ما أمر الله تعالى به في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ ، وقيادته إلى ذلك بزمام الرغبة فيما رتّبَ الله على ذلك من حسن الجزاءِ، وجزيل المثوبة في الدُّنيا والآخرة.
ومعنى التَّرهيب: تخويف الإنسان من البُعد عن الله تعالى، وإضاعة فرائضه، والتفريط في حقِّه سبحانه، وحقوق عباده، وارتكاب ما نهى الله تعالى عنه من الشرور والرّذائل، في أيّ مجال من مجالات الحياة. وسَوْق النَّاس إلى الوقوف عند حدود الله بسوط الرهبة ممَّا أعَدّ الله لمن عصاه، وخالف عن منهجه، من عذاب في الدُّنيا والآخرة.
وقد يُعبَّر عن هذه الفكرة بكلمتين أُخريين، هما: التَّبشير والإنذار. وهما من المهامِّ الأساسيَّة لرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم إلى خلقه: أن يبشِّروا من أطاع الله تعالى واتبع رسله بخيري الآخرة والأُولى، وأن ينذروا من عصاه وكذَّب رسلَه بسوءِ العاقبة في الدارين. ولا غرو أنْ وصف اللهُ الرسل جميعًا بقوله: ﴿ رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ﴾ . وخاطب رسولَه محمدًا ﷺ بقوله: ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ ، ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَـٰكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ .
الأساس النفسي لفكرة الترغيب والترهيب:
ثانيهما: أساس نفسيٌّ معترف به لدى المؤمنين بالدِّين والجاحدين له. فممَّا لا ريب فيه أنَّ الرغبة والرهبة نزعتان فطريتان في الإنسان، فهو بطبيعته يرغب فيما يحب، ويخاف ممَّا يكره، فلا عجب أن يستفيد المنهج التربوي في الإسلام من هاتين النزعتين، لدفع الإنسان إلى فعل الخيرات والطاعات، واجتناب الشرور والآثام.