ثانيهما: أساس نفسيٌّ معترف به لدى المؤمنين بالدِّين والجاحدين له. فممَّا لا ريب فيه أنَّ الرغبة والرهبة نزعتان فطريتان في الإنسان، فهو بطبيعته يرغب فيما يحب، ويخاف ممَّا يكره، فلا عجب أن يستفيد المنهج التربوي في الإسلام من هاتين النزعتين، لدفع الإنسان إلى فعل الخيرات والطاعات، واجتناب الشرور والآثام.
والواقع أنَّ هناك عوامل كثيرة تثبِّط الإنسان عن الخير، وتُغْريه بالشر، عوامل من داخل نفسه، ومن خارجها.
هناك شهواته وأهواءُ نفسه الَّتي بين جنْبيه، بما فطرت عليه من غرائز ودوافع: من حبِّ الذات، وحبِّ الخلود، والسيطرة والمال والجنس وغيرها. وهو ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله على لسان امرأة العزيز: ﴿ وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِىٓ ۚ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لَأَمَّارَةٌۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّىٓ ﴾ .
وهناك تلك القوَّة الشرِّيرة الَّتي تزيِّن له معصيةَ ربه، وهي الَّتي يسمِّيها الدين «الشيطان». ذلك الوسواس الخنَّاس، الَّذي يُوسوس في صدور النَّاس، ويغوي الإنسان عن طريق الشبهات والشهوات: الشبهات تزعزع عقيدته، والشهوات تلوِّث سلوكه.
وهناك شياطين الإنس الَّذين يفوقون أحيانًا شياطينَ الجنّ في التَّعويق عن طاعة الله، والتزيين لمعصية الله.
وهناك الدُّنيا بما فيها من متاع وزينة ولهو ولعب، وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد.
وهذا ما جعل الشاعر الصالح يشكو إلى ربه قديمًا من هذه «القواطع» الأربع عن طريق الله تعالى حين قال: