هذا هو شهر رمضان، شهر تكثر فيه أسباب الخير، وتقلُّ فيه أسباب الشر، تفتح أبواب الرحمة، وأبواب الجنَّة، أي: تكثر الدواعي إلى الخيرات، وإلى الطاعات، وتقل الدواعي إلى الشر، وهو ما كَنَّى عنه بتضييق أبواب النَّار، وتقييد الشياطين، وتصفيدها بالسلاسل والأغلال.
إنَّ الله 4 ، يتيح لعباده بين حين وآخر فرصًا كثيرة، يتقربون فيها إليه، ويقتربون فيها من ساحته، إنَّه 4 يناديهم من بعيد، ويتلقَّاهم من قريب، إذا اقتربوا منه شبرًا، اقترب منهم ذراعًا، وإذا اقتربوا إليه ذراعًا، اقترب إليهم باعًا، وإذا أتوه يمشون أتاهم هرولة.
إنَّه 4 يناديهم في كلِّ حين أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أن يقفوا على بابه، وأن يتمسَّحوا بأعتابه، وأن يقرعوا باب التوبة، مستغفرين قائلين ما قال أبوهم آدم وأمُّهم حواء: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ ﴾ .
تنوُّع الطاعات وتعدُّد الفرص:
في كلِّ يوم فرص للقُرب من الله 8 ، كما في الصلوات الخمس، الَّتي هي معراج المؤمن، معراجٌ يوميٌّ إلى الله 4 ، حيث يقف المسلم بين يدي ربه في اليوم مرات خمسًا، يقف بين يدي الله يناجيه، فيناجي قريبًا غير بعيد، ويسأله، فيسأل كريمًا غير بخيل، ويستعين به، فيستعين بقويٍّ غير ضعيف، وعزيز غير ذليل، ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ، فرص يوميَّة للتقرُّب والتطهُّر.
وفرص أسبوعيَّة تتمثَّل في يوم الجمعة وصلاة الجمعة.
الفرصة السنويَّة في مدرسة رمضان:
ثم فرصة سنويَّة تتمثل في هذا الشهر الكريم، في هذه المدرسة الَّتي يفتحها الإسلام كلَّ سنة للمسلم، يتعلَّم فيها ويتدرَّب، ويتربَّى على حُسْنِ العبوديَّة لله، على القيام بذكر الله تعالى وشكره، وحُسن عبادته، يتعلَّم فيها الصبر، ويتعلَّم فيها قوَّة الإرادة، يتعلَّم فيها كيف يعامل ربه، وكيف يثقف نفسه، وكيف يستعلي على تراب الأرض، حينما يتطلع إلى روحانية السماء.