ومعنى الإيمان والاحتساب: أنَّه لا يصوم لمجرَّد اتِّباع العادة، أو لمجرَّد الخجل من النَّاس، ولا يقوم لمجرَّد أنَّه يفعل كما يفعل غيره، وإنَّما صيامه وقيامه إيمان وتصديق بوعد الله، وطلب للمثوبة والأجر من الله وحده، هذا معنى الإيمان والاحتساب... من صام إيمانًا واحتسابًا خرج بمغفرةٍ لذنوبه، خرج من هذا الشهر كيوم ولدته أمه، وُلد ميلادًا جديدًا، متطهِّرًا متحرِّرًا من الآثام والخطايا.
يا باغي الخير أقبل:
فرصة يُتيحها الإسلام للمسلم كلَّ عام في هذا الشهر الكريم، يناديه المنادي من قِبَل السماء: يا باغي الخير، يا طالب الخير، أقبلْ وأبشرْ، ويا طالبَ الشرِّ أَقْصِرْ، كفى ما فات.. كفاك أحدَ عشرَ شهرًا غفلة عن الله، كفاك غرقًا في لُجَّة الحياة.. انتشل نفسك من هُوَّة الحياة الدُّنْيا، وارتفع إلى الحياة العليا، ضع يدك في يد الله. اعقد بينك وبين الله صلحًا. أكثر من الذكر والشكر والتسبيح والتهليل والتكبير.
يوصي النبيُّ ﷺ أمَّته في هذا الشهر فيقول فيما يُرْوى عنه: «استكثروا فيه من أربع خصالٍ: خَصْلتان تُرْضُون بهما ربَّكم، وخَصْلتان لا غَناء بكم عنهما، أمَّا الخَصلتان اللَّتان تُرْضُون بهما ربَّكم: فشهادةُ أن لا إلٰه إلَّا الله، وتستغفرونه (التهليل والاستغفار)، وأمَّا الخَصلتان اللَّتان لا غنى بكم عنهما: فتسألون الله الجنَّة، وتتعوَّذون به من النَّار»(1).
هذه هي الفرص الَّتي يُتيحها الإسلام للمسلم في شهر رمضان، يستكثر من الذِّكْر والشُّكْر وحُسْن العبادة، بحيث يزيد من رصيده عند ربِّه، ويُعَوِّض ما فاته من غَفَلات العام، غَفَلات أحد عشر شهرًا، في شهر يضاعف الله فيه المثوبة، ويضاعف فيه الأجر.