ولكن المعنى الَّذي ينقدح في ذهن المسلم ـ إذا ذُكرت كلمة الأُمَّة ـ هو الأُمَّة الإسلاميَّة، فهو الَّذي يخطر بالبال، ويحضر في العقل؛ لأنَّها الأُمَّة الَّتي ينتمي إليها بحكم إسلامه، وهي الأُمَّة المذكورة في قرآنه وسُنَّة نبيِّه، وتراث حضارته.
ولا غرْو أنْ بدأ التقرير بمصر، ثمَّ ثنَّى بالعرب، ثمَّ ثلَّث بالأُمَّة الكبرى: أُمَّة الإسلام.
ولقد طلب منِّي مدير المركز أنْ أكتب مقدِّمة لهذا التقرير الَّذي يتحدَّث عن الأُمَّة المسلمة، فكتبت كلمةً طالت نسبيًّا، موضوعها: «الأُمَّة الإسلاميَّة حقيقة لا وهم»، وقلتُ للإخوة المسؤولين في المركز: تستطيعون أنْ تأخذوا منها ما يروقكم، وتحذفوا الباقي، ولا حرج عليكم. ولكنَّهم ـ جزاهم الله خيرًا ـ نشروها بكاملها.
ولقد قرأها كثيرون وعبَّروا عن سرورهم بها لما لمسوه من قوة المنطق الَّذي يعرض لقضية من أهم قضايانا وأخطرها، وهي قضية وحدة الأُمَّة الإسلاميَّة، وموقع الخلافة منها، وأمل الأُمَّة في عودتها، وحكم الشرع في غيبتها.
ولكنِّي فوجئت بما كتبه الأستاذ سيِّد ياسين مدير مركز الدراسات السياسيَّة والإستراتيجيَّة بصحيفة «الأهرام» منتقدًا بشدَّة ما كتبت، معتبرًا ذلك حلمًا من أحلام الفقهاء! لا يمتُّ إلى الواقع بصلة! وهبْه حلمًا، أفحرامٌ علينا أنْ نحلم كما يحلم الآخرون في عالَمنا؟ وقد حلم آخرون من قبل بما هو أبعد عن الواقع من هذا الحلم وحقَّقوا أحلامهم.
وقد اضطررتُ أنْ أردَّ على الأستاذ ياسين في الصفحة نفسها بالأهرام، وإنْ حذفوا بعض الفقرات من ردِّي ـ ربَّما بسبب المساحة ـ ممَّا أحسب أنَّه لا يمسُّ الجوهر. ثمَّ عاود الأستاذ الكتابة تعقيبًا على ردِّي، فكان لا بدَّ من ردٍّ على الردِّ، وأغلقت الموضوع.