على أنَّنا نحن المسلمين لا نقف موقفًا متشنِّجًا من ميلاد المسيح 0 ؛ فقرآننا الكريم قد احتفى بهذا الميلاد، وأفرد له جزءًا بارزًا من سورة سُمِّيت باسم أمِّ المسيح (مريم) 6 ، وذلك لِمَا صحب هذا الميلاد من خوارق لم تكن لغيره. حتَّى إنَّ القرآن ذكر معجزة لعيسى 0 لم تذكرها الأناجيل ولا المصادر المسيحيَّة، وهي: كلامه في المهد صبيًّا.
ولكنَّ الإسلام يحرص في تربية أُمَّته وتوجيهها على أنْ تكون متميِّزة بشخصيتها المستقلَّة المتفرِّدة جوهرًا ومظهرًا، تتسامح مع الآخرين، ولكن لا تذوب فيهم.
والإسلام يؤمن بالمسيح 0 ، وبأنَّ ميلاده كان آية من آيات الله، ولكنَّه لا يتَّخذُه عيدًا؛ فإنَّ لكل أُمَّة أعيادها، الَّتي ترتبط بهُويَّتها وتاريخها. وللمسلمين عيداهم: عيد الفطر وعيد الأضحى، وليس عيد الميلاد.
كما أنَّ المسيحيِّين للأسف يرتكبون باسم المسيح في ميلاده ما لا يقبله هو ولا أُمُّه 6 ، وما يبرأ منه رسلُ الله جميعًا.
على كلِّ حالٍ، فنحن نتحدَّث عن القرن الجديد باعتباره حدثًا عالميًّا مهمًّا، فلا حرج علينا أنْ نهتمَّ به، كما اهتمَّ المسلمون في العهد المكي بالحرب الدائرة بين فارس والروم، وحزنهم لهزيمة الروم، وهم نصارى أهل كتاب، أمام الفرس، وهم مجوس يعبدون النار، ونزول قرآن يُتلى في ذلك، وهو أوائل سورة الروم ﴿ الٓمٓ 1 غُلِبَتِ ٱلرُّومُ 2 فِىٓ أَدْنَى ٱلْأَرْضِ وَهُم مِّنۢ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 3 فِى بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ ٱلْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنۢ بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ 4 بِنَصْرِ ٱللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ ۖ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ 5 ﴾ .