ولعلَّ حديثنا عن هذا القرن الجديد، أو عن «الألفيَّة الثالثة» كما عبَّروا عنها، يُقرِّب ما بين أتباع المسيح وأتباع محمَّد 7 ، ويُطفئ تلك النار الَّتي أجَّجتها الحروب الصليبيَّة، ولم تزل مشتعلة في نفوس كثير من الغربيِّين إلى اليوم. حتَّى وجدنا المسيحيِّين تقاربوا مع اليهود، وأصدروا وثيقة تُبرِّئهم من دم المسيح، وهم لا يعترفون بالمسيح ولا بإنجيله ولا بأُمِّه. والمسلمون لا يصحُّ إسلامهم، ولا ينعقد إيمانهم ما لم يؤمنوا بالمسيح وبكتابه. ومع هذا لم يقترب المسيحيُّون منهم إلى هذا المدى، بل رأينا الأمريكان ـ وهم مسيحيُّون ـ يُرشِّحون الإسلام عدوًّا جديدًا، يمثِّل الخطر المستقبلي الَّذي يُهدِّدهم، بعد زوال خطر الاتِّحاد السوفييتي.
متى يبدأ القرن الجديد؟
أكتب هذه السطور، ولم يبقَ إلَّا شهر واحد أو أقلُّ على مَقْدَم سنة (2000) للميلاد، بداية القرن الحادي والعشرين، أو الألفيَّة الثالثة، كما هو مشهور ومتعالَم عند كثير من الناس، وكما تعلن عنه وتهلِّل له أجهزة الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئيَّة.
بيد أنَّ الَّذي أومن به، ويؤمن به كثيرون غيري: أنَّ سنة (2000م) هي نهاية القرن العشرين، وأنَّ بداية القرن الحادي والعشرين هي سنة (2001م)، وهذه بَدَهيَّة ما كان ينبغي الخلاف فيها؛ فإنَّ الإنسان إذا بدأ قرنًا (أي 100 سنة) فإنَّ هذا القرن لا ينتهي بسنة 99 منه، بل بنهاية سنة 100 منه، ولا أحسب أحدًا ينازع في هذا، ومثل ذلك القرن التالي، لو بدأنا سنة 101 لوجب علينا أن ننهي القرن سنة (200) لا سنة (199).
وهذه قضيَّة قد حدث الخلاف في شأنها عندما استقبلنا ـ نحن المسلمين ـ القرن الخامس عشر الهجري، وكان بعض النَّاس قد حسبوا أنَّ القرن يبدأ سنة (1400هـ)، ثمَّ انتهى الرأي إلى أنَّه يبدأ بيقين سنة (1401هـ)، وقد كانت بداية الاحتفالات بهذا القرن هو إقامة المؤتمر العالمي للسُّنَّة والسيرة النبويَّة بدولة قطر.