فالحقيقة الناصعة الَّتي تشهد بها الفِطَر والعقول، ويشهد لها كلُّ سطر، بل كلُّ حرفٍ في كتاب الوجود: أنَّ الله هو الحقُّ، وما دونه هو الباطل. وهذا ما أعلن عنه كتاب الله الحقُّ في غير سورة من سوره، فقال: ﴿ فَذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَـٰلُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴾ ، ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُۥ يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ ، ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلْبَـٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ ﴾ .
ومن هنا قال الرسول ﷺ : «أصدقُ كلمةٍ قالها شاعرٌ، كلمةُ لبيدٍ: ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ(1)»(2).
ومَن ضلَّ عن هذه الحقيقة، فسوف يعرفها غدًا، يوم ينكشف الغطاء عن بصره، فيرى الحقائق عارية مجردة من الأقنعة الزائفة، والألبسة المموهة: ﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ ﴾ ، ﴿ وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَـٰنَكُمْ فَعَلِمُوٓا أَنَّ ٱلْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ .
إنَّ حيثيَّات هذا الحكم تتلخَّص في هذه الآية الكريمة: ﴿ كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُۥ ۚ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ .
قال الطالب لأستاذه:
لقد أنرت لِي السبيلَ بهذا المصباح، وإنَّ صوت الفطرةِ في أعماقي ليُنادِيني بأنَّ اللهَ هو الحقُّ المُبِين، ولكنِّي أسألُك سؤالًا.
قال الأستاذ:
سلْ ما بدا لك، فالعلم خزائن مفاتيحها السؤال.