رأى فيهم «إخوان رسول الله» في الآخِرين، حيث كان أصحابه في الأوَّلين، اشتاق إليهم قبل أنْ يوجدوا، وتمنَّى أن يراهم قبل أن يُولدوا، ففي الحديث: «وددتُ لو أنِّي رأيتُ إخواني». قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك، يا رسولَ الله؟ قال: «أنتم أصحابي، أمَّا إخواني فقومٌ يأتون بعدُ»(1).
رأى فيهم «الغرباء» الَّذين يُحْيُون ما أمات الناس من سُنَن النبوَّة، ويُصلحون ما أفسدوه منها، فطُوبى لهم(2).
رأى فيهم «أَعْجَبَ الخَلْقِ إيمانًا»(3)، الذين آمنوا برسولِ الله ﷺ ولم يَرَوْه، وآمنوا بكتابه «القرآن» وعملوا بما فيه.
رأى فيهم «القابضين على دينهم» في أيام الفتن ـ بين المُضَيِّعين والضائعين ـ وإن كان «كقبضٍ على الجمر» العاملين به في أيام الصبر رغم المُعَوِّقين والمُخَذِّلين، ولا غروَ فللعامل منهم أجرُ خمسين(4).
رأى فيهم «الطائفة القائمة على الحقِّ»(5)، الداعية إلى الاتِّباع بين انتحال المُبْطِلين وابتداع المبتدعين، المستمسكة بالوسطيَّة بين الغُلاة والمُقَصِّرين، المهتدية إلى الصراط المستقيم بين المغضوب عليهم والضالِّين.