والحق أنَّه لا معنى لوجود هذه الأُمَّة بغير الإسلام، ولا انتصار لها بغير الإسلام، ولا وحدة لها بغير الإسلام، ولا عزَّةَ لها بغير الإسلام، ورضي الله عن أمير المؤمنين عمر الَّذي قال: «نحن كنا أذلَّ قومٍ فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغيره أذلَّنا الله»(1)!
أُمَّتنا في ضوء معايير التقدُّم المادي:
وإذا نظرنا إلى أُمَّتنا في ضوء معايير التقدُّم المادي المعاصر، وجدناها وراءَ وراء!
إنَّها لا زالت عالة على الأُمم الأخرى في قوام حياتها الاقتصاديَّة والعسكرية. إنَّها لا تنتج الكفاية من القوت الَّذي به قيام المعيشة، ولا من السلاح الَّذي به حماية السيادة.
إنَّ المسلمين في الأعصر الأخيرة: رضوا بالزرع، وتبعوا أذناب البقر، كما وصفهم الحديث النبوي(2)، ومع هذا لم يعطهم زرعهم من الثمر، ولا بقرهم من اللبن، ما يغنيهم عن الاستيراد من غيرهم.
أُمَّة معطلة الطاقات:
إنَّ مصيبة الأُمَّة الإسلاميَّة أنَّ طاقاتها ـ برغم كثرتها وضخامتها وتنوعها ـ مُعَطَّلة! ولا أعني بتعطيلها الشلل الكلي، بل الشلل الجزئي؛ أعني أنَّها لا تعمل بكامل طاقاتها لتعويض ما فاتها في عهود النوم والغفلة، وللحاق بركب التقدُّم العالمي، وهو ما يحتم عليها مضاعفة الجهد، وتكثيف العطاء، ولكن أُمَّتنا لا تعمل بنصف طاقتها، ولا بربعها، ولا بخمسها، ولا بعشرها، فأرخص شيء عندها هو الوقت، وأثقل شيء عليها هو العمل، وأقلُّ الثروات قيمة عندها هو الإنسان!