أُمَّة نسيت نفسها:
إنَّنا إذا نظرنا إلى أُمَّتنا في ضوءِ ما وصفها به الله في كتابه، وجدناها أُمَّة أخرى غير أُمَّة القرآن، وصفها الله تعالى بالخيريَّة، وعلَّل خيريَّتَها بأنَّها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ﴾ . وأُمَّتنا اليوم ـ إلَّا من رَحِم ربُّك ـ لا تأمر بالمعروف، ولا تنهى عن المنكر، بل فقدت حسَّها وميزانها، فرأت المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، بل بات فيها من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وغشيتها فتنةٌ تذرُ الحليمَ حيرانَ.
أُمَّتنا وصفها الله بالوسطيَّة حين قال: ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ . وهي الآن قد تركت المنهج الوسط، والموقع الوسط لتميل إلى اليمين أو اليسار، وتجنح إلى الشرق أو الغرب، فتركت «الصراط المستقيم» صراط الَّذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، إلى طريق المغضوب عليهم والضالَّين، واتَّبعت سُنَّتَهم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع.
وصفها الله بالوَحدة حين قال: ﴿ إِنَّ هَـٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَٰحِدَةً وَأَنَا۠ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ ﴾ . وهي الآن لم تعد أُمَّةً واحدةً، كما يحبُّ الله، بل أُممًا شتى كما أراد الاستعمار، أممٌ تعادي بعضُها بعضًا، بل تقاتل بعضُها بعضًا.
والخلاصة: أنَّ أُمَّتنا نسيت الله فأنساها ذاتها، وصدق الله: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَٱلَّذِينَ نَسُوا ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمْ أَنفُسَهُمْ ﴾ .