ومن هنا وجدنا الأزهر الشريف في مصر، ورابطة العالم الإسلامي في مكة، وجمهوريَّة إيران الإسلاميَّة، والجماعات الإسلاميَّة المختلفة، تقف جنبًا إلى جنب مع الفاتيكان ورجال الكنيسة، لمقاومة هذا التوجُّه المدمِّر، إذ شعر الجميع أنَّهم أمام خطر يهدِّد قِيَم الإيمان بالله تعالى ورسالاته، والأخلاق الَّتي بعث الله بها رسله 1 .
كما تجلت هذه العولمة في «مؤتمر المرأة» في بكين سنة (1995م)، وكان امتدادًا لمؤتمر القاهرة وتأكيدًا لمنطلقاته، وتكميلًا لتوجهاته.
وهذه قضيَّة في غاية الأهمِّيَّة «الاعتراف بالخصوصيات» حتَّى لا يطغى بعض النَّاس على بعض، ويحاولوا محو هويتهم بغير رضاهم.
بل نجد الإسلام يعترف باختلاف الأمم، وحق كل أمة في البقاء حتَّى في عالم الحيوان، كما جاء في حديث النبيِّ ﷺ : «لولا أنَّ الكلاب أُمَّة من الأمم لأمرت بقتلها»(1). وهو يشير إلى ما قرَّره القرآن في قوله تعالى: ﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا طَـٰٓئِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّآ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ﴾ .
وإذا خلق الله أُمَّة مثل أُمَّة الكلاب، فلا بدَّ أن يكون ذلك لحكمة، إذ لا يخلق الله سبحانه شيئًا إلَّا لحكمة: ﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَـٰطِلًا سُبْحَـٰنَكَ ﴾ . فلا يجوز إذن حذف هذه الأُمَّة المخلوقة من خارطة الوجود، فإنَّ هذا تطاول واستدراك على خلق الله تبارك وتعالى.