وكل ما أخذَتْه الأنظمة الثوريَّة على مَن سبقوها من الحاكِمين، وقعت فيه وفيما هو شرٌّ منه، وأضافت إلى آثام الأمس آثامًا أكبرَ وأخبث، حتَّى أوشكت أنْ تصبح سيِّئات الماضِين بجوارها حسنات.
ولا بأس أنْ أشير إلى مجالات الفشل المذكورة هنا، مكتفيًا بالتفصيل الَّذي ذكرتُه في الكتاب الأوَّل «الحلول المستوردة»، مركِّزًا على بعض النقاط الَّتي تحتاج إلى توضيح أو تذكير وتوكيد.
فشل في المجال الاقتصادي:
لقد فشلت الليبراليَّة والاشتراكيَّة كلتاهما في إقامة حياة اقتصاديَّة سليمة متكاملة، تتحقَّق فيها زيادة الإنتاج وعدالة التوزيع، حياة يتوافر فيها العمل الملائم لكلِّ عاطل، والأجر العادل لكلِّ عامل، والكفالة المعيشية لكلِّ عاجز، وتكافؤ الفرص لكلِّ مواطن، بحيث يجد كلُّ المواطنين حاجاتِهم الأساسيَّة من الغذاء والكساء والمسكن والعلاج والتعليم دون عائق.
أجل، فشلوا في ذلك على رغم إكثار الأوَّلين (الليبراليِّين) من القول بمحاربة «الأعداء الثلاثة»: الفقر والمرض والجهل!
وطنطنة الآخِرين (الاشتراكيين) بمجتمع الكفاية والعدل، المجتمع الَّذي ترفرف عليه الرفاهية!
ولكن لا هؤلاء ولا أولئك أطعموا الشعبَ من جوع، أو أغنَوْه من فقر، أو علَّمُوه من جهل، فلا زالت نسبة الأميِّين في بلادنا أعلى من معظم بلاد العالم.
هذا في جانب العدل والتكافل الاجتماعي.