إنَّما كان إيماني بالحلِّ الإسلامي نتيجة الدراسة والتحليل والموازنة، وقراءة التاريخ، واستقراء الواقع لأُمَّتنا.
فإذا قرأنا التاريخ قراءة الفاحص المدقِّق، نجد أنَّ النصر والقوَّة، والامتداد والرقيَّ، والازدهار والاستقرار، مرتبطًا بمقدار القُرب من تعاليم الإسلام، وحُسن فَهمها، وحُسن تطبيقها في الحياة، كما تشهد بذلك مراحل تاريخيَّة متعدَّدة، تبدأ بمرحلة النبوَّة، ومرحلة الخلفاء الراشدين، وفترات خلافة عمر بن عبد العزيز، وإمارة نور الدين محمود، وصلاح الدين الأيوبي، ومحمد الفاتح، وأمثالهم من أئمَّة العدل والإحسان.
كما أنَّ الهزيمة والضعف، والانكماش والانحطاط، والذبول والاضطراب، مرتبط بمدى البُعد عن تعاليم الإسلام فهمًا وتطبيقًا، كما تشهد بذلك أكثر فترات تاريخنا للأسف الشديد.
ومَنْ يقرأ بإمعانٍ وتأمُّلٍ كيف دخل الصليبيون إلى وطننا، وكيف احتلوا بيت المقدس، وكيف دخل التتار إلى ديارنا، وكيف دمَّروا بغداد، وقضوا على دولة بني العباس، وكيف طُرِد المسلمون من الأندلس، بعد ثمانية قرون أقاموا فيها حضارة رفيعة العماد، وكيف تحوَّلت الدولة العثمانيَّة الَّتي أرهبت أوربا كلَّها لعدَّة قرون إلى «الرجل المريض». مَنْ يقرأ ذلك كله وغيره: يستيقن أنَّ أُمَّتنا لم تُؤْتَ إلَّا من عند أنفسها قبل كل شيء، حين تتمسَّك بقشور من الإسلام وتدَع لُبابه وجوهره، أو تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض، اتباعًا لأهوائها، أو أهواء آخرين حذَّرها الله منهم حين قال لرسوله: ﴿ وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنۢ بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ ، ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلْأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ .