ولم يبخل أهلُ العلم والفكر بالترحيب بالكتاب والإشادة به في مجلَّات وصحف سيَّارة(1)، وفي رسائل إلى المؤلِّف حينًا، وإلى مِجَلَّة «الأُمَّة» حينًا. وفي طليعتها رسالة الداعية الكبير الشيخ محمَّد الغزالي الَّذي كان أوَّل من قرأ الكتاب، وكتب عنه: «هذا الكتاب من خير ما قرأتُ، ويعتبر دليلًا راشدًا للصحوة الإسلاميَّة». كما أنوِّه بالرسالة المطوَّلة «أربع صفحاتٍ فولسكاب» الَّتي بعث بها سماحة الشيخ إبراهيم القطَّان قاضي قضاة الأردن، تعبيرًا عن إعجابه بالكتاب، وما أدَّاه من خدمة في تصحيح المفاهيم وترشيد الصحوة.
وهذا كلُّه إنْ دلَّ على شيءٍ فإنَّما يدلُّ على شعور إسلامي مشترك بأنَّ الكتاب سدَّ ثغرة لها أهميَّتها في حياة المسلمين اليوم، وعالج قضيَّة تُعَدُّ من أعظم القضايا خطرًا بالنسبة للصحوة الإسلاميَّة، الَّتي تتجاوب أصداؤها في كلِّ ديار الإسلام، وهي قضيَّة «الغلوِّ» أو «التطرُّف الديني» كما سمَّاه من سمَّاه. والَّتي تناولتها أقلام متعدِّدة من زوايا مختلفة، ولأغراض ندَع الحكم على نِيَّات أصحابها لمن يعلم السِّرَّ وأخفى.
وأنا لستُ من الَّذين يحاولون ردَّ كلِّ ما يحدث في مجتمعاتنا إلى مؤثرات أجنبيَّة ومُخَطَّطات جهنَّميَّة: صهيونيَّة أو صليبيَّة أو شيوعيَّة، تستخدم فيها بعض القوى المحلِّيَّة من حيث تشعر أو لا تشعر؛ لأنَّ هذا التفكير يشعرنا في النهاية أنَّنا مسيَّرون لا مخيَّرون، كما تقول الجبريَّة الدينيَّة، أو أنَّنا «أحجار على رُقْعة الشِّطْرَنج» تحرِّكنا وتغيِّر مواقعَنا القوى الكبرى بغير إرادتنا، كما تقوله الجبريَّة السياسيَّة!
وفي هذه القضيَّة خاصَّة أرى أنَّ ما سَمَّوه: «التطرُّف الدِّيني»، أفرزته أسبابٌ عديدة شرحتُها في الكتاب. وهي أسباب من داخل كِياننا قبلَ كلِّ شيء.
ولكنِّي لا أنكر أنَّ هنالك قُوًى معادية لانتصار الإسلام، وعودته إلى قيادة المجتمع، استغلَّت هذه الظاهرة بخبثٍ ودهاء، وحرصت على تغذيتها لتكبُر وتنمو، ورمت لها بالوقود لتظلَّ متأجِّجة ملتهِبة؛ وهي بذلك تكسب جملة فوائد منها: