والأمم يعتريها ما يعتري الأفراد من غياب الوعي، مُدَدًا تطول أو تقصُر، نتيجة نوم وغفلة من داخلها، أو نتيجة «تنويم» مسلَّط عليها من خارجها.
والأُمَّة الإسلاميَّة يعتريها ما يعتري غيرها من الأمم، فتنام أو تُنَوَّم، ثُمَّ تدركها الصحوة، كما نرى اليوم.
الصحوة ـ إذن ـ تعني: عودة الوعي والانتباه بعد غَيْبة.
وقد عُبِّر عن هذه الظاهرة في بعض الأحيان بعنوان: «اليقظة» في مقابل «الرقود» أو «النَّوم»، الَّذي أصاب الأُمَّة الإسلاميَّة في عصور التخلُّف والركود، وفي مقابل «التنويم» الَّذي أصابها في عهود الاستعمار العسكري والسياسي الَّذي خلَّف ألوانًا أخرى من الاستعمار هي في الحقيقة أدهى وأمرُّ، وأخطر منه وأشرُّ، وهي الاستعمار الثقافيُّ والاجتماعيُّ، الَّذي يسلخ الأُمَّة من ذاتيَّتها، كما تُسلَخ الذبيحة من جلدها.
كما عُبِّر عنها أحيانًا بعنوان: «البعث»، وهو أيضًا يكون بعد «النوم» كما في قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى يَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ﴾ .
كما يكون بعد «الموت» ولعلَّه المتبادِرُ إلى ذهن المسلم: أنَّ البعث بعد الموت: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى ٱلْقُبُورِ ﴾ .
والأُمَّة المسلمة لا تموت، ولكنَّ النوم شبيه بالموت، وخصوصًا إذا طال. وقد قيل: النوم موتٌ خفيف، والموت نومٌ ثقيل، أو: النوم هو المَوْتة الصغرى، والموت هو النَّوْمةُ الكبرى.