ومهما يكن التعبير عن هذه الظاهرة فهي حقيقة واقعة، نلمسها اليوم في مظاهرها المتعدِّدة، ومجالاتها المتكاثرة.
وهي ـ على أيَّة حالٍ ـ ظاهرة ليست غريبة على طبيعة الإسلام وطبيعة أُمَّته، بل الغريب حقًّا ألَّا تكون.
فمن طبيعة الأُمَّة المسلمة ألَّا يستمرَّ نومُها وغَيْبَتها عن الوعي أزمانًا تتطاول.
فمن طبيعة الإسلام أنْ يُوقَظَ فيها عوامل التنبُّه، وبواعث التحرُّك، ما دام قرآنها محفوظًا في الصدور، متلوًّا بالألسنة، مسطورًا في المصاحف، وذلك ما تكفَّل الله بحفظه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ ﴾ .
وما دامت سيرة نبيِّها بين أيديها، وسيرة أبطالها نُصْبَ عَيْنَيْها، تضيء مصباح التأسِّي، وتوقد جذوةَ الحماس في القلوب.
ومن طبيعة الأُمَّة أنَّها لا تجتمع على ضلالة، ولا بدَّ أنْ يقوم فيها طائفة على الحقِّ، يهدون به، ويدعون إليه، حتَّى يأتي أمر الله وهم على ذلك، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ﷺ (1). وأنَّه لا ينخرم قرنٌ من الزمان حتَّى يُهيِّئ اللهُ لهذه الأُمَّة من يوقظها من رقودها، ويُجَدِّد لها الدِّين، الَّذي هو رُوح حياتها، وحياة رُوحها، كما في الحديث المعروف: «إنَّ الله يبعث لهذه الأُمَّة على رأس كلِّ مائة سنة من يُجدِّد لها دِينَها»(2).