ومن طبيعة الأُمَّة أنَّها لا تجتمع على ضلالة، ولا بدَّ أنْ يقوم فيها طائفة على الحقِّ، يهدون به، ويدعون إليه، حتَّى يأتي أمر الله وهم على ذلك، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ﷺ (1). وأنَّه لا ينخرم قرنٌ من الزمان حتَّى يُهيِّئ اللهُ لهذه الأُمَّة من يوقظها من رقودها، ويُجَدِّد لها الدِّين، الَّذي هو رُوح حياتها، وحياة رُوحها، كما في الحديث المعروف: «إنَّ الله يبعث لهذه الأُمَّة على رأس كلِّ مائة سنة من يُجدِّد لها دِينَها»(2).
من خصائص هذه الصحوة:
وهذه الصحوة ـ أو البعث، أو اليقظة ـ الَّتي نعيشها اليوم، هي صحوة عقلٍ وفِكْر، وصحوة عاطفةٍ وقلب، وصحوة إرادةٍ وعزم، وصحوة عملٍ ودعوة. فهي صحوةٌ شاملة، وهذا من خصائصها.
صحوة عقلٍ وعلم:
أمَّا أنَّها صحوةُ عقلٍ وعلم، فيعرف ذلك من يخالط شبابَ هذه الصحوة، ويرى نهمهم للقراءة، وحبَّهم للمعرفة، وإقبالهم على العلماء والمُفَكِّرين، من دعاة الإسلام، وحرصهم على الالتقاء بهم، والاستماع إليهم في محاضرات عامَّة أو حلقات خاصَّة.
كما نلمس ذلك في ظاهرة لم تعُدْ خافيةً على أحد، وهي انتشار «الكتاب الإسلامي» بين الشباب، برغم عوائق النشر وقيوده في كثير من الأقطار، حتَّى غدا من الْمُسَلَّم به الآن الَّذي سجَّلته الأرقام والإحصاءات، وخصوصًا بعد إقامة أيِّ مَعْرِضٍ أو سُوقٍ للكتاب: أنَّ الكتاب الإسلامي هو الَّذي يضرب الرقم القياسي في سُوق التوزيع.