ما كان في الحضارة الإسلامية هذا الصراع، أو الازدواج، أو الانفصام المشؤوم الذي عُرف في الحضارة الغربية.
مدن أوربا لم تكن تعرف النظافة:
الحضارة الغربية عندما ورثت الحضارة الإسلامية، مسَّتها نفحة من الحضارة الإسلامية. كانت أوربا في الحقيقة تعيش في ظلمات ولا تكاد ترى الضوء إلا من سَمِّ الخياط كما قال بعض المؤرخين، ما كانوا يعرفون النظافة، في الوقت الذي كان في قرطبة نحو (600) ستمائة حمام(1).
كانت مدن أوربا لا تعرف النظافة، وكانت شوارعها مليئة بالأوحال، وكان الرهبان النصارى يتقرَّبون إلى الله بالقذارة، ويرون أن الإنسان كلما عُني بنظافة جسمه قرب من الشيطان، وبعد من الرحمٰن. حتى ذكر الأستاذ الجليل أبو الحسن الندوي في كتابه القيم «ماذا خسر العالَم بانحطاط المسلمين»، نقلًا عن بعض الكتب الأوربية: أن أحد الرهبان الأوربيين من النصارى في العصور الوسطى كان يقول: لقد عاش الراهب الفلاني نحو خمسين سنة ولم يقترف إثم غسل الرجلين ! لم يقترف هذا الإثم.
وينقل عن بعضهم قوله: يرحم الله القديس فلانًا، لقد عاش ما عاش ولم يبلَّ رجليه بالماء، ولكننا واأسفاه أصبحنا في زمن يدخل فيه الناس الحمامات(2). وهذا الأسف حدث لماذا؟ لأنهم اقتبسوا ذلك من المسلمين، وقلَّدوا المسلمين.