القلب الحيُّ هو موضع نظر الله تعالى، ومهبط تجلياته وأنواره: «إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم»(1)، وهو المستند الوحيد الَّذي يقدِّمه العبد لربه يوم القيامة وسيلة للنجاة: ﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ 88 إِلَّا مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ 89 ﴾ . وبدون هذا القلب العامر بالإيمان، المشرق باليقين، يكون الإنسان ميتًا وإنْ عدَّه الإحصاء في الأحياء، ﴿ أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُۥ نُورًا يَمْشِى بِهِۦ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَـٰفِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ .
من أجل هذا عمدت التربية الإخوانيَّة إلى إحياء القلوب حتَّى لا تموت، وعمارتِها حتَّى لا تخرب، وترقيقِها حتَّى لا تقسو، فإنَّ قسوة القلب وجمود العين عقوبة يُستعاذ بالله من شرِّها، ولهذا ذمَّ الله بني إسرائيل فقال: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَـٰقَهُمْ لَعَنَّـٰهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَـٰسِيَةً ﴾ ، وفي موضع آخر خاطبهم فقال: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ ، وعاتب الله أهل الإيمان فقال: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَٱلَّذِينَ أُوتُوا ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ .
وكان النبيُّ ﷺ يستعيذ بالله من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع(2). وكانت رسائل الأستاذ البنَّا ومقالاته وأحاديثه العامَّة في المركز العام، والخاصة في لقاءات الأسر والكتائب والشعب؛ دائمة الطرْق لأبواب القلب الإنساني، حتَّى يتفتح على معرفة الله، ويرجوه ويخشاه، وينيب إليه، ويتوكَّل عليه، ويوقن بما عنده، ويأنس بحبه والرضا عنه، ويسكن إلى قُربه، ويطمئنَّ بذكره، ﴿ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ ﴾ .