أرأيتَ إلى الأرض الخاشعة الهامدة، ينزل الله عليها الماء، فتهتز وتربو وتحيا بعد موتها، وتُنبت من كلِّ زوجٍ بهيج؟!
كذلك كانت الأُمَّة الإسلاميَّة في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقبل ظهور حركة الإخوان المسلمين: دُمِّرت الخلافة، وهي آخر مظهر للتجمُّع تحت راية العقيدة الإسلاميَّة، ومُزِّق الوطن الإسلامي شرَّ ممزَّق بين براثن المستعمرين، من بريطانيِّين وفرنسيِّين وغيرهم، حتَّى هولندا الَّتي لم تكن تتجاوز بضعة ملايين، كانت تحكم نحو مائة مليون في إندونيسيا! وعُطِّلت أحكام الإسلام، واتُّخِذ القرآن مهجورًا، وسيطرت القوانين الوضعيَّة والتقاليد الغربيَّة والقيم الأجنبيَّة على حياة المسلمين، وبخاصَّة الطبقة المثقَّفة منهم، نتيجة لهيمنة الاستعمار الكافر على أَزِمَّة التعليم والتوجيه والتأثير، فتخرَّجت أجيال تحمل أسماء إسلاميَّة وعقولًا أوربيَّة.
وانضمَّ هذا الفساد الَّذي وفد مع الاستعمار الدخيل، إلى الفساد الَّذي خلَّفته عصور الانحطاط والتخلُّف، فازداد الطِّينُ بِلَّة، والداء علَّة.
وشاء الله الَّذي تكفَّل بحفظ القرآن، وبقاء الإسلام، وإظهاره على الدِّين كلِّه، أنْ يجدِّد لهذا الدين شبابه، ويعيد لجسد هذه الأُمَّة الهامد رُوحه وحياته من جديد. فكانت دعوة الإخوان المسلمين، وكان حسن البنَّا مؤسِّس هذه الحركة «الكبرى»، الَّتي مضى عليها خمسون عامًا(1)، تركت فيها «بصمات» وآثارًا في كلِّ مجال، وفي كلِّ مكان، داخلَ العالَم الإسلامي وخارجه.
تـمـهــيـد