الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
( أمَّا بعد )
فهذه الصحائف الَّتي بين يَدَيْك ـ أخي القارئ ـ تُلقي شُعَاعًا من ضوء على أحد عمالقة الفكر والتجديد في تراثنا الإسلامي، إنَّها عبقريَّة فذَّة، أنبتتها تربة الحضارة الإسلاميَّة الخصبة، الَّتي طالما هيَّأت لأبناء الفقراء والكادحين أنْ يرتقوا شوامخ القمم بمواهبهم وكفاحهم، وأنْ يفرضوا أنفسهم على الزمن، ويُصغي لهم سَمْعُ التاريخ.
فمن كان يظنُّ أنَّ ذلك الصبيَّ الَّذي كان يكسب أبوه عَيْشه من مِغْزله، والَّذي لم يدعْ له من المال ما يكفيه مدة الصِّبا، حتَّى اضطرَّ أنْ يدخل هو وشقيقه إحدى المدارس الَّتي تتكفَّل بإيواء طلابها وإطعامهم والنفقة عليهم، من كان يظنُّ أنَّ ذلك الغلام سيصبح يومًا حُجَّة الإسلام، وعَلَم الأعلام، وأنَّ الشَّرق والغرب سينتفعان به ويُخلِّدان أَثَرَه؟
مقدمة الطبعة الثالثة