إنَّه الغزالي(1)، الَّذي أثَّر في الفكر الإسلامي، وفي الحياة الإسلاميَّة، تأثيرًا منقطع النظير، من خلال عطائه الفِكْري، وعطائه الرُّوحي، ومن خلال قصَّة كفاحه في سبيل الوصول إلى الحقيقة واليقين، والسعادة الرُّوحيَّة، الَّتي هي عنده غاية الغايات.
أجل إنَّه الغزالي، الرجل الَّذي ملأ الدُّنيا وشغل الناس، في حياته وبعد وفاته، واختلف فيه السابقون، كما اختلف فيه اللاحقون والمعاصرون.
فمن مُبالغٍ في الإعجاب به، والثناء عليه، ومن مُسْرِف في الاتِّهام له، والتحامل عليه.
ومن معتدلٍ بين هؤلاء وهؤلاء، يعطي الرجل حقَّه، ويمدحه بما هو أهلُه، وينقده فيما يرى أنَّه قصَّر أو أخطأ فيه، والعصمة لمن عصمه الله.
وجدنا من السابقين من يُعَظِّم كُتُبَه، حتَّى قال من قال: كاد «الإحياء» يكون قرآنًا!
ووجدنا في مُقابِله من يقول: إنَّه إحياءٌ لدِينه هو، وليس إحياءً لدين المسلمين!
فلا عجب، إنْ رأينا من تقرَّب إلى الله بإحراق كتبه، ومن تقرَّب إلى الله بنشرها وتعميمها!
ولا غرو، فالرجل خاصَم فئاتٍ كثيرة، ألَّبها جميعًا ضدَّه، وهاج عداوتَها له.