وقد كان الشيخ إذا تحدَّث يتدفَّق كأنه البحر الثجَّاج، ويتألَّق كأنه السِّرَاج الوهَّاج، وأشهد أنه شَدَّ الحاضرين جميعًا بيانُه الناصع، وخطابه الرائع، وسَعةُ اطِّلاعه على الأدب والتاريخ، واستشهاده بحِكَم البلغاء، وروائع الشعراء، ووقائع المؤرِّخين.
ولقد جاءتني دعوة جمعيَّة العلماء، ورئيسها صديقنا العزيز الشيخ عبد الرحمن شَيْبان، الَّذي عرفناه في ملتقيات الفكر الإسلامي في الثمانينيَّات من القرن العشرين: أخًا كريمًا، وصديقًا حميمًا، قبل أنْ نعرفه وزيرًا للشؤون الدينيَّة، ورئيسًا للملتقيات الإسلاميَّة.. جاءتني الدعوة وأنا في شُغل شاغل، وزَحْمة في المطالب والواجبات، وضِيق في الأوقات، وهذه مُشكلة أمثالي، ولا يُعين على حلِّها إلَّا الله تعالى، فمنه نستمدُّ، وعليه نعتمد، وبه نعتصم: ﴿ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .
ولم يسعْني إلَّا أنْ أُلَبِّي الدعوة من أجل الجزائر، ومن أجل صاحب الذكرى، ومن أجل صاحب الدعوة، فلكلِّ واحدٍ من هؤلاء الثلاثة حقٌّ عليَّ، لا أملك أنْ أتخلَّى عنه. فلا غرو أنْ كتبتُ هذه الصحائف على عجلٍ، وفاءً بحقِّ هذا الرائد العظيم، وهذا المُصلح الكريم، وإنْ لم نُوفِّه حقَّه، ولم نَشْفِ الغَلِيلَ ممَّا كنتُ أريد، ولكنَّ القليل خيرٌ من العدم، ﴿ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ﴾ .
رحم اللهُ الشيخَ الإبراهيمي، ورحم اللهُ ابن بَادِيس، ورحم اللهُ علماءَ الجزائر، وشهداء الجزائر، وبارك الله في شعبِ الجزائر، وحفظه من كلِّ سوءٍ. وحفظ عليه وَحْدته وأخوَّته، وجعل يومه خيرًا من أمسه، وغده خيرًا من يومه. آمين.
الفقير إلى الله تعالى