الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمَّد، رحمة الله للعالمين، وحامل هدايته للمؤمنين، ﴿ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ ﴾ ، وعلى آله وصحبه ومن اتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
( أمَّا بعد )
فهذه الصحائف كنتُ كتبتُها من قديم؛ طلب منِّي بعض تلاميذ الإمام أبي الأعلى المودودي 5 بعد وفاته بسنة أنْ أكتب عن فِكْره وما له من تميُّز وخصائص وآثار، وقد بدأت الكتابة فيه وقتها، ولكنِّي لم أُكْمِله، ولم أُسَلِّمْه لهم، وبقي المكتوب عندي يحتاج إلى إتمام وتكملة، وطال العهد، حتَّى أذن الله لي أنْ أفْرُغ له بعضَ الشيء، وأُتِمَّه على ما أحبُّ ـ ما استطعت ـ فكانت هذه الرسالة الَّتي سمَّيْتها «نظرات في فكر الإمام المودودي».
ولا يرتاب مسلمٌ دارس في إمامة المودودي وعبقريَّته، في فكره الإسلامي الرحْب، الَّذي تناول فيه قضايا الإسلام، من تفسيرٍ ختم فيه القرآن الكريم، ومن دراسةٍ للسُّنَّة، وردٍّ على الَّذين زعموا أنفسهم قرآنيِّين، بدعوى أنَّهم يُهملون حديثَ رسول الله ﷺ ، الَّذي روته الأُمَّة وخدمته وأقامت لخدمته تسعين عِلْمًا من علوم الحديث، وقامت مكتبةٌ ضخمةٌ لهذه العلوم، عكف عليها العلماء.
مـقـدمــة