الفصـل الأول الغزالي الشابُّ في قلب المعركة
بداية معرفتي بالشيخ الإمام:
عرفتُ شيخنا الإمام الغزالي ـ غزالي هذا العصر ـ أوَّل ما عرفته قارئًا له، في أواسط الأربعينيَّات، وأنا في أواخر المرحلة الابتدائيَّة، وأوائل المرحلة الثانويَّة، طالب بمعهد طنطا الديني الأزهري، بعد أنْ ارتبطت بدعوة الإخوان المسلمين، كبرى الحركات الإسلاميَّة الحديثة، وركيزة التجديد الإسلامي، والعمل الإسلامي الجماعي، بعد سقوط الخلافة، وتمزُّق الأُمَّة الواحدة إلى أُمم متفرِّقة.
وكان الغزالي أحد كُتَّاب الدعوة البارزين.
كان الغزالي يكتب في مَجَلَّة «الإخوان المسلمين» الأسبوعيَّة، في باب ثابت تحت عنوان: «خواطر حُرَّة»، وكان يشُدُّني إليه فكره الثائر، وبيانه الساحر، وأسلوبه الساخر. فقد كنتُ أرى فيه إلى جوار كونه داعية أديبًا من الطراز الأوَّل، وكان الأدب والشعر في تلك المرحلة هو شغلي الشاغل، ومحور قراءتي واهتمامي، وكان أوَّل ما قرأته أدب المنفلوطي والرافعي، وأحيانًا العقَّاد، وكان الغزالي يحمل رُوح الرَّافعي وتألُّقه، وسهولة المنفلوطي وتدفُّقه، وتأمُّل العقَّاد وتعمُّقه. وانعقدت بيني وبين الغزالي الكاتب على بُعدٍ صلة عقليَّة ورُوحيَّة عميقة، من جانب واحد طبعًا، هو جانبي، بحيث كنتُ أترقَّب المَجَلَّة، لأقرأ أوَّل ما أقرأ فيها مقالتين: مقالة مُحَمَّد الغزالي، ومقالة عبد العزيز كامل.