من ناحية أخرى: لقد بدأ الغرب ينقد نفسه، بدأ بذلك كثير من الفلاسفة والمفكِّرين الغربيين، بل بدأت المرأة نفسها تشكو من آثار هذه الحضارة، على نفسيَّتها، وعلى حياتها، وعلى طبيعتها الأنثوية، وأنها في ظلِّ هذه الحضارة، فقدت أنوثتها، وفقدت سعادتها، وهذه حقيقة يجب أن نعرفها جميعًا: أن المرأة أصبحت اليوم «جنسًا ثالثًا»، لا هي بالرجل، ولا هي بالمرأة !
يقول العالم الأمريكي «ول ديورانت»: إننا أغلقنا كل طريق مؤدٍ إلى الفضيلة والزواج، في ذات الوقت الذي فتحنا فيه أبواب الغواية، وكلَّ أبواب العلاقات غير الشرعية.
ويقول: إن الزواج الذي كانت الأسرة تتوسم فيه الحنان والعطف والمشاعر الإنسانية، أصبح في ظلِّ الاختلاط سجنًا بليدًا باردًا لا يغري.
ويقول أيضًا: إن تحول المرأة قد أساء إلى الحياة المنزلية، فحرمها نعمة الاهتمام القديمة، كما أساء إلى المرأة نفسها فجرَّدها من نعومتها وخصبها. وإذا استمرَّ الحال على هذا المنوال، فسوف تسير الأنوثة إلى ما هو ألعن من الرجولة. أي من حيث هي مقابلة للذكورة.
· الحقيقة الثالثة: سنة الزوجية في الكون:
أن الله 4 خلق النوع الإنساني ذكرًا وأنثى، ﴿ وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلْأُنثَىٰ ﴾ .
وهذه سُنَّة من سنن الله تعالى في هذا الكون، سنة الازدواج التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ ، وقال تعالى: ﴿ سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْأَزْوَٰجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ .
الذكر والأنثى في عالم الإنسان والحيوان والنبات، والسالب والموجب في عالم الكهرباء وغيرها، والإلكترون والبروتون في عالم الذرة، من كلِّ شيء خلق الله زوجين متقابلين وبتقابلهما يصلح الكون، وتستمر الحياة. فلا ينبغي أن يتأنَّث الذكر، أو تتنكَّر الأنثى لأنوثتها، يجب أن يحترم كلٌّ منهما طبيعته، وفطرة وجوده.