وقدّر الله عليَّ أنْ أنعى إلى أُمَّتنا الكبرى هؤلاء الأعلام بالحديث عن مناقبهم وآثارهم في حياة الأُمَّة، بالكتابة في الصحف، أو بالكلام عنهم في برنامجي «الشريعة والحياة»، في قناة الجزيرة الفضائية في قطر، وبرنامجي الآخر «المنتدى» في قناة «أبو ظبي» الفضائية(1)، وذلك وفاءً ببعض حقِّهم علينا، وكذلك حقّ الأجيال الصاعدة أنْ تعرفَ قدر هؤلاء الأكابر، وما أدَّوه لدِينهم وأوطانهم، طيلةَ حياةٍ عامرة بالخير، فيَّاضة بالبذل والعطاء.
فلا غرو أنْ أتحدث عن شيخنا النَّدوي ببعض ما يستحقُّه، مقتبسًا من بعض ما كتبته عنه في حياته، رحمه الله وغفر له وتقبَّله في الصالحين.
وكيف لا أتحدَّث عن هذا الإمام الربَّاني، الإسلامي، القرآني، المحمَّدي، وهو أخي وشيخي وحبيبي، رحمه الله وأرضاه.
شيخ ربَّاني:
أمَّا أنَّه «ربَّاني» فلأنَّ السلف أجمعوا على أنَّ الربَّاني هو الَّذي يَعْلم ويَعْمل ويُعَلِّم، فمن علم ولم يعمل بما عَلِم فليس بربَّاني، وعلمه حُجَّة عليه، وهو من العلم الَّذي لا ينفع، وهو ممَّا استعاذ منه الرسول ﷺ : «اللهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ مِنْ عِلمٍ لا ينفعُ، وَمِنْ قَلبٍ لا يَخْشَعُ...»(2).
ومن علمٍ وعمل، ولكنَّه لم يُعلِّم غَيْرَه، ولم يدعُ الآخرين، فليس بربَّاني، فقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّـٰنِيِّـۧنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ .