ومن علم وعمل وعلَّم فذلك هو الربَّاني الَّذي يُدعى عظيمًا في ملكوت السماء: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ .
وكلمة «الربَّانية» هي الكلمة الَّتي اختارها الشيخ أبو الحسن ليُعَبِّر بها عن «التزكية» الَّتي عُنِيَ بها القرآن الكريم، وجعلها شعبة أساسيَّة من مهمَّة الرسول ﷺ ، وعن مقام الإحسان الَّذي بيَّنه الرسول الكريم بقوله: «أَنْ تعبدَ اللهَ كأنَّكَ تراه، فإنْ لَمْ تكُنْ تراهُ فإنَّهُ يَرَاكَ»(1)، وذلك في كتابه القيّم المعبِّر «ربَّانيَّة لا رهبانيَّة» يريد به السلوكَ الخالِصَ لوجه الله، السالم من البدع ومن المبالغات المذمومة في الاعتقاد أو السلوك.
إسلامي:
وأمَّا أنَّه «إسلاميٌّ» فلأنَّ الإسلام لُحْمَته وسَدَاه، ومبتدؤه ومنتهاه، وأدناه وأقصاه، إليه يسعى، وعليه يدور، وله يعمل، وبه يعتصم، ومنه يستمدُّ، وعنه يَصْدُر، وفيه يحبُّ ويُبغض، ومن أجله يكتب ويُصنِّف، ويُدَرِّس ويحاضر، ويسافر ويُقيم، ويصل ويقطع، فهو شُغله في نهاره، وحُلُمه في ليله، وزاده في سفره، وأنيسه في إقامته، فهو بالإسلام وللإسلام، ومن الإسلام وإلى الإسلام.
إنَّ الَّذي يشغل عقْلَه وقلبه ووقته باستمرار هو الإسلام: رسالته وحضارته، وانبعاثه وصحوته، وقضايا أُمَّته، وهجمة أعدائه، وأعظم ما يُهِمُّه هو تقوية الجبهة الدَّاخليَّة في مواجهة الغزوة الخارجيَّة؛ هو تربية الفرد؛ لأنَّ اللبنة الأساسيَّة في بناء الجماعة، هو تغيير ما بالنفس حتَّى يُغَيِّر اللهُ ما بالأُمَّة: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ .