ولا سيَّما أنِّي قد كتبتُ عن ركائز فقه الدعوة عند الشيخ، وحصرتُها في عشرين ركيزةً، ولم أتحدَّث بالتفصيل إلَّا عن واحدةٍ منها فقط، وتركتُ لمن بعدي من تلاميذ الشيخ وتلاميذي أنْ يُكملوا ما بدأتُه.
إنَّ مهمَّة العلماء في الأرض كمهمَّة النجوم في السماء، هي هداية للسائرين، وهي شُهُبٌ تنقضُّ على الشياطين، وخصوصًا العلماء الربَّانيِّين المتميِّزين منهم، الَّذين يَعْلَمون ويُعلِّمُون، فهم ورثة الأنبياء حقًّا، يدعون إلى الله على بصيرة، ويقودون النَّاس إلى الحقِّ عن بَيِّنة، ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ .
ولقد كان الشيخ النَّدْوي واحدًا من هؤلاء الأفذاذ، الَّذين بعثهم الله لهذه الأُمَّة ليُجددوا لها دِينَها، ويُعيدوا إليها يقينَها، وينهضوا بها لتؤدِّي رسالتها، ومن حقِّ الشيخ أبي الحسن على مَنْ يعرفه من علماء الأُمَّة ودعاتها وأدبائها، أنْ يكتبوا عن الشيخ، ويجلّوا مآثره وفضائله، لتعرفه أجيال الأُمَّة الصاعدة، وتتخذ منه أسوة وإمامًا. وبهذا يتواصل الأبناء والآباء، والأحفاد والأجداد، والخلف والسلف.
في هذه الدراسة قدّمت بتمهيد تضمن كلمة الرثاء الَّتي ودعتُ بها الشيخ، ونُشرت في عدد من الصحف.
ثم تحدثتُ عن الشيخ في أربعة أبواب:
الباب الأول: عن معالم وأضواء على سيرة الشيخ.
الباب الثاني: عن الشيخ داعية وموجهًا.
الباب الثالث: عن الشيخ مصلحًا ومجددًا.
الباب الرابع: عن الشيخ سفيرًا للعجم لدى العرب.