حُجِبَتْ عن الدنيا فلا خبرٌ ولا
أثرٌ، وحتى لستُ ممَّنْ يحلُمُ!
أنا في حِماها راهبٌ في خَلْوةٍ
مع مَن يرى ما في الضَّمِيرِ ويعلَمُ
منها أُصَعِّدُ للسماءِ ضوارعًا
حرَّى تهُزُّ العَرْشَ وهْوَ الأَعْظَمُ
هي علَّمَتْني الزُّهْدَ في مُتَعِ الوَرَى
والمَرْءُ حتَّى موتِه يتعلَّمُ
إن قيل: مُوحِشةٌ، فأُنْسِيَ مصحَفٌ
أتلوه، يهدي للتي هي أقومُ
أو قيلَ: مُعْتِمَةٌ، فليس بمُعْتِمٍ
عندي سوى قلبٍ يَعِيثُ ويُجْرِمُ
أو قيل: مُغْلَقةٌ، فذا كَيْ لَا أرى
وجهًا عبوسًا أو لِسانًا يَشْتِمُ
أو قيل: ضَيِّقةٌ فكُلُّ حوائجي
في الرُّكْنِ، والباقي فضاءٌ يَعْظُمُ!
هي حُجْرتي، فيها نهاري، مَجْلسي
هي غُرْفتي للنوم حينَ نُنَوَّمُ
هي مكتبٌ حينًا، وحينًا مَطْعَمٌ
إن جاء ميعادُ الطَّعَامِ فأَطْعَمُوا
هي ساحةٌ لرياضتي أعدو بها
في مَوْضعي، إنَّ الضَّرورةَ تَحْكُمُ
هي «دَوْرَتي» في الليل إن طال المَدَى
أو في النَّهَار إذا أَبَوْا وتَحَكَّمُوا
هذا وليس عليَّ أَوَّلَّ شهرِها
أجرٌ لسُكْناها به أتقدَّمُ!
حييتِ يا زنزانتي، فلأنتِ لي
قَفَصٌ، وإنِّي في حديدِكِ ضَيْغَمُ!