إنَّها أمٌّ ترمَّلَتْ على وحيدها بعد وفاة زوجها، تركه لها بُرْعُمًا في سنوات الطفولة الأولى، فأفرغت فيه عُمرها، ووهبته شبابَها وحياتَها، وسهِرت على رعايته وتربيته، حتى غدا رجلًا ملءَ السمع والبصر، ثم تخطَّفته كلابُ الصَّيْد سنة 1954م، وذهبوا به إلى أَتُون العذاب في السجن الحربي، وانقطعت أخباره، فلا زيارة ولا مراسلة، حتى تحسَّنت الأحوالُ شيئًا ما في سنة 1956م، وسُمِحَ ببعض الزيارات في بعض المناسبات، وخصوصًا للأمهات، وفي يوم العيد جاءت الأمُّ لزيارة وحيدها وفِلْذة كَبِدِها... فكانت المفاجأة التي تُصَوِّرها هذه القصيدة.
وهي قصيدة بدأتْ أبياتُها الأولى في السجن الحربي، ثم أُكْمِلَتْ بعد ذلك، وكانت شبهَ مفقودة، ثم عَثَر عليها الشاعر، فهي قديمة جديدة!
أمٌّ زائرة ولا مَزُور!