ومن أصدقائي من رأى رأيًا آخر (د. أحمد العسَّال، ود. عبد العظيم الديب، ود. مُحَمَّد سليم العوَّا، وآخرون)، وهو أنْ تبقى هذه التعليقات وإن طالت على الأشخاص والأحداث ذات الأهميَّة، باعتبارها تُمثِّل رؤية شخص عايش هذه الوقائع، وانفعل بها، وكان لها وقعها وأثرها على حياته وعلى مسيرته، فهو شاهد على عصره، ينتظر النَّاس شهادته، كما قال الله تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَـٰدَٰتِهِمْ قَآئِمُونَ ﴾ ، وقال: ﴿ وَأَقِيمُوا ٱلشَّهَـٰدَةَ لِلَّهِ ﴾ ، وقال: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا ٱلشَّهَـٰدَةَ ﴾ .
وليس المقصود من هذه المذكرات: مجرد الأحداث الشخصيَّة والعائليَّة الروتينيَّة، فهذه قد لا تهم النَّاس كثيرًا؛ وإن أهمتهم، فإن أهم منها تفاعل صاحب السيرة مع عصره ووقائعه وأحداثه الكبرى، ورأيه فيها، فلعل في ذلك ذكرى لمن كان له قلب، وعبرة لمن كان له عقل.
وقد أردتُ أنْ أجُسَّ نبض جمهور القراء، فسألت عددًا منهم عن رأيه في هذا الخلاف، فكان أكثر من (90 %) مع إبقاء ما نشر على ما هو عليه. والكاتب إنَّما يكتب لقرَّائه قبل كل شيء.
ومع هذا، قد اجتهدت أنْ أوفِّق بين الرأيَيْن، فحذفت بعض أشياء ممَّا اعتبره الأصدقاء تاريخًا وليس بسيرة، وقد رأيتُها غير ضروريَّة، وأبقيتُ الأشياء الأساسيَّة الَّتي لا تمَسُّ جوهر رؤيتي للمواقف والأشخاص والأفكار.
ورجَّح لي هذا أنَّ هذه المذكرات قد نُشرت في صحيفة «الوطن» في قطر قبل ذلك في رمضان (1424هـ)، كما نشرت في مصر في صحيفة «آفاق عربيَّة»، وفي موقع «إسلام أون لاين نت». وقد أغضبَ بعضُ ما كتبتُه عن عبد الناصر بعضَ الناصريِّين والقوميِّين، وعلَّقوا على ذلك، وأطالوا التعليق. كما أغضب بعض ما كتبته عن سيِّد قُطْب بعض الإسلاميِّين! وقد أفضى الجميع إلى ما قدَّم، وما أردتُ بما كتبتُه عن هذا أو ذاك إرضاءَ أحد ولا إغضابه. إنَّما أردتُ بيان الحقيقة كما أراها، وفاءً بما أخذه الله على أهل العلم أنْ يُبيِّنوا الحقَّ للنَّاس ولا يكتموه. وقديمًا قالوا: رضا النَّاس غاية لا تدرك. وقال الشاعر: