ورجَّح لي هذا أنَّ هذه المذكرات قد نُشرت في صحيفة «الوطن» في قطر قبل ذلك في رمضان (1424هـ)، كما نشرت في مصر في صحيفة «آفاق عربيَّة»، وفي موقع «إسلام أون لاين نت». وقد أغضبَ بعضُ ما كتبتُه عن عبد الناصر بعضَ الناصريِّين والقوميِّين، وعلَّقوا على ذلك، وأطالوا التعليق. كما أغضب بعض ما كتبته عن سيِّد قُطْب بعض الإسلاميِّين! وقد أفضى الجميع إلى ما قدَّم، وما أردتُ بما كتبتُه عن هذا أو ذاك إرضاءَ أحد ولا إغضابه. إنَّما أردتُ بيان الحقيقة كما أراها، وفاءً بما أخذه الله على أهل العلم أنْ يُبيِّنوا الحقَّ للنَّاس ولا يكتموه. وقديمًا قالوا: رضا النَّاس غاية لا تدرك. وقال الشاعر:
وَمَنْ فِي النَّاسِ يُرْضِي كُلَّ نَفْسٍ
وَبَيْنَ هَوَى النُّفُوسِ مَدًى بَعِيدُ(1)؟
ولهذا لم يَعُد مُجْدِيًا أنْ أحذف هذه الشهادة، أو هذا التعليق، بعد نشره وإذاعته، على نطاق واسع. وحسْبي أنِّي قلت كلمتي مبتغيًا بها وجه الله، وبيان الحقيقة: «وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»(2).
وليس هناك من قانون ملزم لكتابة المذكِّرات، بحيث يُلام من خرج عليه، وإنَّما ذلك يختلف باختلاف كلِّ كاتب وموقفه وظروفه.
والحقيقة أنِّي لم أقلِّد أحدًا فيما كتبت، بل تركتُ قلمي ليخُطَّ ما خط على سجيتي دون تكلُّف ولا افتعال، فإن كان في ذلك خير، فذلك فضل الله عليَّ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ ، وإن كان غير ذلك، فقد اجتهدت فيما صنعت، ولكل مجتهدٍ نصيب، ومن روائع ديننا: أنَّه لا يحرم المجتهد المخطئ من الأجر، ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ ، على أنَّ الأمر ليس فيه صوابٌ وخطأ، ولكنْ مألوفٌ وغير مألوف.