وكان موقفي من الثورة ومساندتها بالأدلَّة الشرعيَّة القويَّة الواضحة، قد أصبح شائعًا ومعروفًا ومُدوِّيًا، حتَّى جعل بعض الكُتَّاب الموالين للنظام البائد والفاسد والمستبدِّ، والَّتي كانت لهم معي بعض الصِّلات الوديَّة الخفيفة، يسارعون بإعلان البراءة من هذه الصِّلة، كما فعل مكرم محمَّد أحمد نقيب الصحفيِّين، في عموده اليومي بالأهرام، حيث جهر ببراءته من صداقتي الَّتي كان يعتزُّ بها، وهو اليوم يبرأ منها. وما هي إلَّا أيَّام قليلة حتَّى هاجمه الصحفيُّون، وأخرجوه من مكتبه، ولم يعُد له حَولٌ أو طَول. وبقيتُ في موقعي أشدَّ قوَّة، وأَسْمَعَ صوتًا. ولله الحمد.
وقال الإخوة: إنَّ مواقفك في تأييد هذه الثورة ومساندتها، والاحتجاج لها، والدفاع عنها من أوَّل يوم، من الوضوح والقوَّة والتنوُّع والكثرة، بحيث لا تُخطئها عينٌ، ولا تنكرها أذن، ولا يجحدها مراقب، ولكن من الخير أن نجمعَها ونُوثِّقها، ونُقرِّبها للناس، حتَّى لا يأتي بعد ذلك مَن يحاول أن يخطفها أو يجحدها أو يُزوِّرها ويَدَّعيها لنفسه، أو لفلانٍ وعلَّان من الناس، ممَّن ليس له في الثورة نَقِير ولا قِطْمير، ولا هو في العِيرِ ولا في النَّفير.
أسباب مهمَّة:
وكنتُ متردِّدا في أوَّل الأمر، ولكنْ بالمناقشة والتأمُّل، تبيَّن لي صواب هذا الأمر، لعدَّة أسباب:
أوَّلها: أهميَّة التوثيق:
وهو الآن سهلٌ، ومصادره موفورة، من وسائل الإعلام، ومن الشباب الَّذين شاركوا في صُنْع الثورة، ومَن ناصرهم.
وهذا التوثيق مهمٌّ للمُؤرِّخ الَّذي يكتب بعد ذلك، في تاريخ هذه الثورة والعناصر المؤثِّرة في نجاحها، والعقبات الَّتي وقفت في طريقها، والَّذين حاربوها بفتاويهم ومقالاتهم ومُناوراتهم، والَّذين دافعوا عنها.