وعندما حصَلتُ على الشهادة الثانويَّة الأزهريَّة، اقترح عليَّ عدد من الأصدقاء: أنْ أدخل كلية دار العلوم، أو اللُّغة العربيَّة، لما رأوا من تمكُّني من اللُّغة، واهتمامي بالشعر والأدب، وقلت لهم: إنِّي حصَلتُ من علوم اللُّغة في المرحلتين الابتدائيَّة والثانويَّة في الأزهر ما يكفيني، ويجعلني قادرًا على أنْ أقرأ المطوَّلات فيها إن شئتُ، وأنْ أتابع الدرب وحدي.
ومن عنايتي باللغة أنِّي ألاحظ ـ بدون كُلفة ـ أخطاء الخطباء والمحاضرين والمتحدِّثين بالفصحى، وآسَفُ لها أشدَّ الأسف، وكم أدخل المسجد في أيَّام الجُمَع، وأسمع من الأخطاء النحويَّة واللُّغويَّة ما يُصَدِّع رأسي.
كما ألاحظ أخطاء الكُتَّاب في الصحف والمجلات، فتصدمني وتؤلمني، وأجد بعض الأخطاء أصبحت من طول تكرارها، كأنَّما هي عين الصواب! لأنَّها تفوت على الكثيرين، ولا يدركون وجه الخطأ فيها.
لهذا رأيتُ أنْ أُنبِّه عليها في هذه الصحائف، نشرًا للحقيقة، وتصويبًا للأخطاء، وأنا أعلم أنَّ علماء اللُّغة كعلماء الفقه، منهم المُشَدِّدون، ومنهم المُسَهِّلون، ومنهم المُتَوسِّطون والمُعْتَدلون، وقد أخذتُ لنفسي منهج الوسط والاعتدال في باب الفقه والفتوى، ولا يَسَعُني أنْ أتخلَّى عنه في باب اللُّغة.
وفي ضوء هذا ذكرتُ مجموعة من الكلمات الَّتي شاعت على أقلام الكاتبين المعاصرين، من الإعلاميِّين والمُتَخَصِّصين، يعتبرها علماء اللُّغة خطأً لغويًّا أو نحويًّا أو صرفيًّا. وإن كانت قد تخفى عليهم، أو على الكثيرين.
أعرض هذه الكلمات على إخواني أعضاء المجمع اللُّغوي الموقَّر «مجمع الخالدين»، في أوَّل لقاء لي بهم، عسى أنْ يُسَدِّدوني إذا أخطأت، ويُنَبِّهوني إذا غفلت، وليس في العلم كبير، وفوق كُلِّ ذي علمٍ عليم.