ونشرع اليوم في تقديم اللقاء الأول الَّذي أجريناه مع فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، أحد الدُّعاة البارزين في حقل الدعوة الإسلاميَّة، والَّذي يمتاز بدقَّة الفقيه وإشراقة الأديب وحرارة الداعية، فهو من المُفَكِّرين الإسلاميِّين الَّذين يمتازون بالاعتدال، ويجمعون بين محكمات الشرع ومتطلبات العصر.
٭ النصر: ما هو مفهومكم لعبارة: إنَّ الإسلام دين يتجدَّد ولا يتبدَّد؟
ـ الدكتور القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالإسلام يحمل في طبيعته القدرة على التجدُّد والنماء، بما أودع الله فيه من خصائص، فهذا الدِّين لا يمكن أنْ تنطفئ جذوته، ولا أنْ يخبو نوره أبدًا ﴿ وَيَأْبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ ﴾ . هو بطبيعته يبعث على الصحوة واليقظة، وإذا نام المسلمون يومًا، فلا بدَّ أنْ يوقظهم الإسلام، وأنْ يهيئ الله لهم من يجدد لهم دينهم، كما في الحديث الصحيح: «إنَّ الله يبعث لهذه الأُمَّة على رأس كلِّ مائة سنةٍ مَنْ يُجدِّد لها دِينِها»(1). ولا يمكن أن تجتمع هذه الأُمَّة على ضلالة، سُنَّة الله ولن تجد لسُنَّة الله تبديلًا، قد يضلُّ الضالُّون ويتيه التائهون، ولكن تبقى تلك الفئة القائمة على الحقِّ، لا يضرُّها من خالفها، حتَّى يأتي أمر الله، كما صحَّت بذلك الأحاديث عن رسول الله ﷺ : أنَّه لا تزال طائفة من هذه الأُمَّة قائمة على أمر الله، قائمة على الحقِّ تدعو إليه وتنادي به، وتقاتل عليه، حتَّى يأتـي أمر الله وهـم علـى ذلك، وصـدق الله العظيـم إذ يقول: ﴿ وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِۦ يَعْدِلُونَ ﴾ ، ﴿ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰٓؤُلَآءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَـٰفِرِينَ ﴾ ، طبيعة الأُمَّة الإسلاميَّة ألَّا تجتمع على ضلالة وأنْ يظلَّ فيها الدُّعاة والهُداة يوقظونها من سُبَاتٍ ويُحْيُونها من ممات، ولا تخلو الأرض من قائم لله بالحُجَّة، وصدق شوقي حين قال: