من ناحية الفكر أيضًا نرى أثر هذه الصحوة، فقد انتقلنا من فكر التبعيَّة للغرب ـ الَّتي نادى بها من نادى من الكتاب والأدباء في العالم العربي والإسلامي: أن نكون تابعين للغرب بأن نأخذ الحضارة الغربيَّة بخيرها وشرِّها وحُلْوِها ومُرِّها ـ وانتهت مرحلة التبرير الَّتي كُنَّا نحاول فيها تبرير الواقع الَّذي أخذناه عن الغرب تقليدًا له، وإصدار الفتاوى الشرعيَّة لتبرير الفوائد والربا، لتبرير التماثيل، يعني انتهت مرحلة تمثل الهزيمة النفسيَّة أمام الحضارة الغازية الوافدة، انتهت هذه المرحلة ودخلنا في مرحلة المواجهة لهذه الحضارة والثقة بالنفس، بأن نُقَدِّم إسلامنا كما هو، وننقد الحضارة الغربيَّة بقوَّة.
هناك في الميدان الثقافي أيضًا والعِلْمي والفِكْري مئات الرسائل ـ الماجستير، الدكتوراه ـ الَّتي تقدم إلى الجامعات المختلفة تعالج موضوعات إسلاميَّة في الشريعة، وفي الاقتصاد، وغير ذلك. لم يكن هذا موجودًا من قبل، حتَّى المستشرقون هناك البعض منهم بدؤوا يَعْدلون عن آرائهم وأفكارهم عن الإسلام وثقافته وتاريخه.
هناك في الميدان الاقتصادي، البنوك الإسلاميَّة والمؤسِّسات الإسلاميَّة كان يقال قبل ذلك: لا يمكن أنْ يقام اقتصاد بدون بنوك، ولا يمكن أنْ تقام بنوك بدون ربا، الآن الحمد الله انهزمت هذه الدعوى من الناحية النظريَّة، ومن الناحية العمليَّة؛ لأنَّه كتب الكاتبون: إنَّه يمكن إقامة بنوك إسلاميَّة من غير ربًا، ووجدت البدائل الشرعيَّة، وطُبِّقَتْ بالفعل.
والآن في مرحلة تحسين هذه البدائل؛ لأنَّها فكرة لا زالت في البداية، وهي تتحسن يومًا بعد يوم، وتتسع وتنتشر في البلدان الإسلاميَّة، وتلقى رواجًا بين المسلمين حتَّى إنَّ كثيرًا من البنوك الرِّبويَّة في مصر تحاول أنْ تفتح فروعًا للمعاملات الإسلاميَّة لتكسب العملاء إلى جانبها، فهذه الأشياء كلها تؤكد أنَّ هناك صحوة بالفعل، صحوة موجودة، وخاصَّة بين الشباب والشباب المثقف.