على أنَّ الَّذي أحب أنْ أوكِّده هنا أنَّ تطبيق الشريعة الإسلاميَّة، ليس كما يظنُّ الكثيرون، مجرَّد تغيير قوانين بقوانين، وخاصَّة قوانين العقوبات والحدود، كما تصوَّر البعض، يعني عندما تطبق الشريعة الإسلاميَّة، نجلد شارب الخمر ونقطع يد السارق، ليس هذا هو ما نريد، نحن نريد بتطبيق الشريعة الإسلاميَّة استئناف حياة إسلاميَّة متكاملة، حياة توجهها عقيدة الإسلام، وتحكمها شريعة الإسلام، وتضبطها أخلاق الإسلام، وتسودها قيم وآداب الإسلام.
حياة مصبوغة بالقيم الإسلاميَّة لحمًا ودمًا وروحًا. هذا ما نريده، أن نحيا بالإسلام ونحيا للإسلام، ليس مجرَّد تغيير قوانين، نريد تغيير حياتنا تغييرًا اجتماعيًّا، وفكريًّا ونفسيًّا وسلوكيًّا وأخلاقيًّا، إنَّما ننجح حينما نفهم تطبيق الشريعة الإسلاميَّة بهذا المعنى ونحاول أن نعيش مسلمين صادقين، ليس مُجَرَّد تغيير القوانين على الأوراق، إنَّ هذا قد يحدث ولا تتغيَّر الحياة ولا يتغيَّر المجتمع ولذلك لا بدَّ من عمل، يعني قبل هذا كله، أنْ يعمل الدُّعاة والمُرَبُّون على تغيير نفسيَّة الشعب إلى نفسيَّة إسلاميَّة، فالتغيير النفسي هو أساس كلِّ إصلاح، كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ ، وهذا شعار الملتقيات الدائم؛ هو هذه الآية الكريمة، الَّتي تمثل سُنَّة من سنن الله الاجتماعيَّة وهذه النظريَّة الإسلاميَّة ليست كالنظريَّة الماركسيَّة الَّتي تقول: غيِّر الاقتصاد أو غيِّر علاقات الإنتاج يتغير التاريخ بل النظريَّة الإسلاميَّة: غيِّر نفسَك يتغير التاريخ. تتغيَّر الحياة بتغيُّر الأنفس. وإنَّما تتغيَّر الأنفس بالإيمان والتزكية والتربية الإسلاميَّة الصحيحة.
٭ النصر: ما دمنا بصدد الحديث عن تغير الحياة الإسلاميَّة، ما أثر التقدُّم العلمي والتكنولوجي على الصحوة؟
ـ الدكتور القرضاوي: طبعًا رُبَّما يظنُّ بعض الناس أنَّ الصحوة تعارض التكنولوجيا أو تتخوَّف منها، أو تتخوَّف من العلم وهذا غير صحيح. فنحن دُعاة الإسلام والَّذين نحاول أنْ نقوي هذه الصحوة ونرشدها وأنْ نُسَدِّدها، نُرَحِّب بالعلم وندعو إليه، ونعتقد أنَّ بلادنا، لا يمكن أنْ تتفوَّق وتثبت وجودها إلَّا بأن تمتلك ناصية العلم في كلِّ ناحية من نواحي التقدُّم العلمي.