قبل أن أبدأ في شرح الأصول أجيب عن بعض الأسئلة الَّتي تدور بخَلَدِ بعض النَّاس.
فقد يَعِنُّ للقارئ هنا سؤال، وهو: لماذا جعل الإمام البنَّا الفهم هو الركن الأوَّل، وقدَّمه على غيره من الأركان الأخرى، كالإخلاص والعمل والتضحية والجهاد والثبات؟
والواقع أنَّ البنَّا 3 كان مُوَفَّقًا كل التوفيق في هذا التقديم، ولا غرو، فقد كان الرجل بصيرًا بـ «فقه الأولويَّات»، وتقديم ما يستحقُّ التقديم.
فممَّا لا ريب فيه أنَّ الفكرة تسبق الحركة، وأنَّ التصوُّر الصحيح مُقَدِّمة ضروريَّة للتوجُّه الصحيح والعمل المستقيم، ولهذا كان العلم عندنا ـ نحن المسلمين ـ يسبق العمل، بل العلم عندنا دليل الإيمان، وطريق الاعتقاد السليم.
والإمام الغزالي وغيره من الصوفيَّة الكبار يرون أنَّ مقامات الدِّين والتخلُّق بأخلاقِ النبيِّين والصِّدِّيقين لا يتمُّ إلَّا بمعجونٍ مركب من ثلاثة أشياء: عِلْم، وحال، وعمل، فالعلم يورث الحال، والحال يدفع إلى العمل(1).
لماذا قدَّم الإمام البنَّا ركن «الفهم»؟