وقد اقترح عليَّ بعض الأصدقاء المُخْلِصين من أهل العلم: أن أفْصِلَ هذه الكتب عن «الأصول العشرين»؛ لأنَّ كثيرًا من النَّاس سيتصوَّرنها كتبًا خاصَّة للإخوان المسلمين، وهم وحدهم الَّذين يقرؤونها، وقال هذا الصديق: مع أنِّي تابعت الأجزاء الأربعة الَّتي صدرت منها، فوجدت ما فيها من علمٍ وتأصيلٍ وفِكْرٍ أصيلٍ يحتاج إليه أبناء الأُمَّة جميعًا، سواء كانوا من الإخوان أو من غيرهم.
وقال هؤلاء الإخوة: إنَّ اعتبار هذه السلسلة شرحًا للأصول العشرين ظلم لها، فهي تشرح السطرين أو الثلاثة من كلام البنَّا بكتابٍ كامل، وما العلاقة بين الكتاب وبين الأصل الَّذي يتحدَّث حوله إلَّا كالعلاقة بين النواة والنخلة!
وأودُّ أن أقول لهؤلاء الإخوة الفضلاء: إنَّ عنوان هذه السلسلة يدلُّ عليها، ويُعرِّف بهدفها، فقد توجَّهت بها لكلِّ العاملين في ساحة الدعوة الإسلاميَّة، والعمل الإسلامي من علماءَ ودُعاةٍ وجمعيَّات وجامعات ومُؤسَّسات، فقد شغلني هَمُّ الدعوة والدُّعاة، وهَمُّ الدِّين وتجديده، وهَمُّ الأُمَّة وتغييرها من داخلها، وهمُّ أعداء الأُمَّة الَّذين يحاولون تعويق مسيرتها، وتمزيق وَحْدتها، وغفلة كثير من العاملين للإسلام عن كَيْد هؤلاء.
لقد أردت بهذه السلسلة أن أخاطب كلَّ الغيورين على الإسلام، وكلَّ المهتمين بشأن أُمَّته، وإعلاء كلمته، وتحكيم شريعته، مجتهدًا أن أزيل الجفوة بينهم، وأن أردم الفجوة الَّتي تفصل بعضهم عن بعض، وأن أغرس الحُبَّ والتسامح في قلوبهم بدل البغضاء والتَّعصُّب، فإنَّ البغضاء هي الحالقة، لا تحلق الشَّعْرَ ولكن تحلق الدِّين.