الحمد لله وكفى، وسلامٌ على رسله الَّذين اصطفى، وعلى خاتمهم المجتبى، مُحَمَّدٍ وآله وصحبه مصابيح الدُّجَى، ومن بهم اقتدى فاهتدى.
(أمَّا بعد)
إنَّ من أخطر الآفات الَّتي أصابت الأديان السَّماويَّة الَّتي أنزلها الله إلى عباده عن طريق رسله وكتبه: ما يعرف بـ «الابتداع الدِّيني»، وهو يفترق عن «الابتداع الدُّنْيوي» الَّذي ندعو إليه، ويدعو إليه الإسلام الصحيح، فالأُمَّة المهتدية بهدى الله هي الَّتي تَتَّبع في دِينها، وتبتدعُ في دُنياها.
وقد كان هذا شأن أُمَّة الإسلام، أُمَّة القرآن، أُمَّة مُحَمَّد ! : أن تَتَّبع في دِينها، تقف عند حدود الله وما شرع لعباده، وتلتزم به، ولا تزيد عليه، ولا تنقص منه، ولكنَّها مع هذا الاتِّباع تبتدعُ في أمور دُنياها، مثل إبداعاتها في علوم اللغة وآدابها، في الشعر والنثر؛ أنشأت علم النحو، وعلم الصرف، وعلم البلاغة، وعلم العروض والقافية، كما أنشأت علومًا دينيَّة في الفقه وأصول الفقه، والتفسير وعلوم القرآن، والحديث وعلومه، وكذلك علم التصوُّف، كما أنشؤوا بعد ذلك علم الجبر، وأضافوا إضافات ثمينة إلى العلوم الأخرى طبيعيَّة ورياضيَّة وإنسانيَّة واجتماعيَّة.
مـقـدمــة