والشهيد سيِّد قُطْب، وشقيقة مُحمَّد قُطْب، كلاهما قام بما ينبغي في حقِّ العلم، أيًّا كان مَعِينه، شرعيًّا أو عقليًّا، وسننقل من بعض كتب سيِّد ما لا بُدَّ منه في كتابنا هذا، ليتَّضح موقف الأُمَّة من العلم والدِّين، وأنَّه موقف ليس فيه أيُّ خللٍ أو تناقض أو تسيُّب. بل هو موقف قائم على الحقائق الساطعة، الَّتي لا تثبت بالهوى أو بالخيال، أو بتصديق كلِّ ما عند النَّاس، بل بمنطق القرآن الحاسم: ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَـٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴾ .
والإمام حسن البنَّا من الَّذين عُنُوا بتأهيل العقل العلميِّ المسلم؛ ليقوم بدوره في تأهيل الأُمَّة؛ لتقوم بحقِّ العلم، كُلِّ العلم، شرعيًّا كان أو عقليًّا.
فالأصلان الثامن عشر والتاسع عشر ـ وقد أوردنا نصَّهما قبل هذه المُقَدِّمة لهذا الكتاب ـ من الأصول العشرين للإمام الشهيد حسن البنَّا عليه رحمة الله تعالى ورضوانه، من الأصول المهمَّة، الَّتي عنيتُ بالكتابة فيها كثيرًا، بُغْيَة شرحها وتوضيح مقاصدها للمسلمين، وإزاحة الشُّبُهات والالتباسات عنها، وقد كتبتُ في ذلك أكثر من كتابٍ ورسالة.
فقد ألَّفتُ فيها من قديم رسالتي: «الدِّين في عصر العلم»، وجعلته فصلًا من كتابي: «بيِّنات الحلِّ الإسلاميِّ»، كما ألَّفت كتابي: «الرسول والعلم»، وقدَّمته للمؤتمر الإسلامي العالمي، الَّذي عُقد في الدوحة احتفالًا بمَقْدَم القرن الخامس عشر الهجري، وألَّفت كذلك كتابي «العقل والعلم في القرآن الكريم»، إسهامًا في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.
كما أَّلفت كتابي: «السُّنَّة مصدر للمعرفة والحضارة». وكتابي: «المرجعية العليا في الإسلام للقرآن والسُّنَّة»، وهو الكتاب الثاني في شرح الأصول العشرين للإمام حسن البنَّا.