وقد عرفت من الأخ خالد ولمست أنَّه مستمعٌ ممتاز لخطبي، وقارئ ممتاز لكتبي، وأنّه مُتَتَبِّع جيِّد للكثير الكثير من محاضراتي المُسَجَّلة، ومقالاتي المنشورة، وهذا كلُّه رجَّح عندي قيامه بهذا العمل؛ فهو أهل لهذا الأمر لأكثر من سبب أهَّلته له:
دراسته الشرعيَّة؛ فهو يُعِد الآن للماجستير في جامعة الزيتونة في تونس.
وأهَّله له شغفه بالعلم والقراءة.
وأهَّله له اشتغاله بالدعوة إلى الله؛ فهو يخطب ويُدَرِّس في أحد مساجد البحرين.
كما أهَّله أمرٌ آخر هو حبُّه لصاحب هذه الخطب وتعلُّقه به، أسألُ الله أنْ يجعلني خليقًا بهذه العواطف النبيلة.
ولا أريد أنْ أتحدَّث عن هذه الخطب، بل أدعها تُقَدِّم نفسها للقارئ، وحسْبي أنْ أقول: إنَّها قطعة من نفسي، مُعَبِّرة عن فكري ومشاعري، موصولة بكتاب الله، وسُنَّة رسوله الكريم، وتراث هذه الأُمَّة العظيمة، وأبطالها الغُرِّ الميامين في شتَّى أدوار التاريخ: أبطال العلم والفِكْر، وأبطال العمل والتقوى، وأبطال الإصلاح والتجديد، وأبطال الجهاد والكفاح.
كما أنَّها موصولة بواقع العالم عامَّة، وواقع العالم الإسلامي اليوم خاصَّة: بآلامه وآماله، بما يعانيه من كيد أعدائه، وجهل أبنائه، وعجز علمائه، وسَرَف أغنيائه، وضياع فقرائه، وفساد أمرائه.
وما يجاور ذلك من مُبَشِّرات تتمثَّل في هذه الصحوة الإسلاميَّة الشاملة، والبعث الإسلامي الكبير، الَّذي جدَّد العقول بالعلم، وجدَّد القلوب بالإيمان، وجدَّد الحياة بالجهاد والتضحية في سبيل الله، وهيَّأ أجيالًا تعمل بالإسلام وتعمل للإسلام، وتدعو إلى الإسلام عقيدة وشريعة، ودينًا ودولة، وتعتبر المسلمين أينما كانوا أُمَّة واحدة يسعى بذمَّتهم أدناهم، ويردُّ عليهم أقصاهم، وهم يدٌ على مَن سواهم.